للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنَّما هو أداءُ دَينِه، وليس هو شَيئًا آخَرَ، فمتى أدّاه عنه بإذْنِه، لَزِمَه إعْطاؤُه بَدَلَه. الرّابعُ، ضَمِن بغيرِ أمْرِه، وقَضَى بغيرِ أمْرِه، ففيه رِوايتانِ؛ إحْدَاهما، يرْجِعُ. وهو قولُ مالِكٍ، وعُبَيدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ، وإسحاقَ. والثَّانِيَةُ، لا يَرْجِعُ بشيءٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ. بدَلِيلِ حَدِيثِ عَلِيٍّ وأبي قَتادَةَ (١)، فإنَّهما لو كانا يَسْتَحِقّانِ الرُّجُوعَ على المَيِّتِ، صار الدَّينُ لهما، فكانت ذِمَّةُ المَيِّتِ مَشْغُولَةً بدَينِهما، كاشْتِغالِها بدَينِ المَضْمُونِ عنه (٢)، ولم يُصَلِّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ولأنَّه تَبَرَّعَ بذلك، أشْبَهَ ما لو عَلَف دَوابَّه وأطْعَمَ عَبِيدَه بغيرِ أمْرِه. ووَجْهُ الأُولَى، أنَّه قَضاءٌ مُبْرِئٌ مِن دَينٍ واجِبٍ، فكان مِن ضَمانِ مَن هو عليه، كالحاكِمِ إذا قَضَى عنه عندَ امْتِناعِه. فأمّا عَلِيٌّ وأبو قَتادَةَ، فإنَّهما تَبَرَّعا بالقَضاءِ والضَّمانِ، فإنَّهما قَضَيا دَينَه قَصْدًا لتَبْرِئةِ ذِمَّتِه؛ ليُصَلِّيَ عليه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مع عِلْمِهما أنَّه لم يَتْرُكْ وَفاءً (٣)، والمُتَبَرِّعُ لا يَرْجِعُ بشيءٍ، وإنَّما الخِلافُ في المُحْتَسِبِ بالرُّجُوعِ.


(١) تقدم تخريجهما في صفحة ٩.
(٢) في ق، م: «له».
(٣) في م: «وفاءه».