للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لوَفاءِ دَينِه، كإجارَةِ أُمِّ وَلَدِه. فإن قِيلَ: حديثُ سُرَّقٍ مَنْسُوخٌ، لأنَّ الحُرَّ لا يُباعُ، والبَيعُ وَقَع على رَقَبَتِه، بدَلِيلِ أنَّ في الحديثِ أنَّ الغُرَماءَ قالُوا لمُشْتَرِيه: ما تَصْنَعُ به؟ قال: أعْتِقُه. قالوا: لَسْنا بأزْهَدَ منك في إعْتاقِه. فأعْتَقُوه. قُلْنا: هذا إثْباتُ نَسْخٍ بالاحْتِمالِ، ولا يَجُوزُ، ولم يَثْبُتْ أنَّ بَيعَ الحُرِّ كانَ جائِزًا في شَرِيعَتِنا، وحَمْلُ بَيعِه على بيعِ مَنافِعِه أسْهَلُ مِن حَمْلِه على بَيعِ رَقَبَتِه المُحَرَّمِ، فإنَّ. حَذْفَ المُضافِ وإقامَةَ المُضافِ إليه كَثيرٌ في القُرْآنِ، وفي كَلام العَرَبِ، كقَوْلِه تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (١). {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (٢). وغيرِ ذلك. وكذلك قَوْلُه: أعْتِقُه. أي من حَقِّي عليه. يَدُلُّ على ذلك قَوْلُه: فأعْتَقُوه. يَعْنِي الغُرَماءَ، وهم لا يَمْلِكُون إلَّا الدَّينَ الذي عليه. وأمّا قَوْلُه تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ}. فيُمْكِنُ مَنْعُ دُخُولِه تحتَ عُمُومِها، لِما ذَكَرْنا مِن أنَّه في حُكْمِ الأغْنِياءِ (٣) في حِرْمانِ الزكاةِ، وسُقُوطِ نَفَقَتِه عن قَرِيبِه، ووُجُوبِ نَفَقَةِ قَرِيبِه عليه. وحَدِيثُهم قَضِيَّةُ عَين لا يَثْبُتُ حُكْمُها إلَّا في مِثْلِها،


(١) سورة البقرة ٩٣.
(٢) سورة يوسف ٨٢.
(٣) في ق: «الإعسار».