للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك، حتى يَحْكُمَ الحاكِمُ، وهذا مُخالِفٌ لظاهِرِ النَّصِّ، ولأنَّه حَجْرٌ ثَبَت بغيرِ حُكْمِ حاكِمٍ، فيَزُولُ بغيرِ حُكْمِه، كالحَجْرِ على المجْنُونِ، ولأنَّ الحَجْرَ عليه إنَّما كان لعَجْزِه عن التَّصَرُّفِ في مالِه على وَجْهِ المَصْلَحَهِ، حِفْظًا لمالِه عليه، فمتى بَلَغ ورَشَد، زال الحَجْرُ، لزَوالِ سَبَبِه، والسَّفِيهُ لنا فيه مَنْعٌ. فعلى هذا، الحَجْرُ مُنْقَسِمٌ إلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ؛ قِسْمٌ يَزُولُ بغَيرِ حُكْمِ الحاكِمِ، وهو الحَجْرُ للجُنُونِ. وقِسْمٌ لا يَزُولُ إلَّا بحُكْمِ حاكِم، وهو الحَجْرُ للسَّفَهِ. وقِسْمٌ فيه الخِلاف، وهو الحَجْرُ للصِّبَا (١).

فصل: ومتى انْفَكَّ الحَجْرُ عنهما، دُفِع إليهما مالُهما؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيهِمْ أَمْوَالهُمْ}. قال ابنُ المُنْذِرِ: اتَّفَقُوا على ذلك. ولأنَّ مَنْعَه مِن التَّصَرُّفِ إنَّما كان لعَجْزِه عن التَّصَرُّفِ، حِفْظًا لمالِه، فإذا صار أهْلًا للتَّصَرُّفِ، زال الحَجْرُ؛ لزَوالِ سَبَبِه.

فصل: ولا يَنْفَكُّ عنه الحَجْرُ، ولا يُدْفَعُ إليه مالُه قبلَ البُلُوغِ والرُّشْدِ، ولو صار شيخًا. وهو قولُ الأكْثَرِين. قال ابنُ المُنْذِرِ: أكْثَرُ عُلَماءِ الأمْصار مِن أهلِ العِراقِ، والحِجازِ، والشّامِ، ومِصْرَ، يَرَوْن الحَجْرَ على كلِّ مُضَيِّعٍ لمالِه، صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا. وبه قال القاسِمُ بنُ


(١) في ر ١، م: «على الصبي».