للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبُلُوغِه، ودُفِع إليه مالُه، ثم عاد إلى السَّفَهِ، أُعِيدَ عليه الحَجْرُ. وبه قال القاسِمُ بنُ محمدٍ، ومالِكٌ، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبَيدٍ، وأبو يُوسُفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حَنِيفَةَ: لا يُبْتَدَأُ الحَجْرُ على بالِغٍ عاقِلٍ، وتَصَرُّفُه نافِذٌ. رُوِيَ ذلك عن ابنِ سِيرِينَ، والنَّخَعِيِّ، لأنَّه مُكَلَّفٌ، فلا يُحْجَرُ عليه، كالرَّشِيدِ. ولَنا، ما رَوَى عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيرِ، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ ابْتاعَ بَيعًا، فقال عليٌّ: لآتِيَنَّ عُثْمانَ ليَحْجُرَ عليك. فأتَى عبدُ اللهِ بنُ جَعْفَر الزُّبَيرَ، فقال: قد ابْتَعْتُ بَيعًا، وإنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أن يَأْتِيَ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عُثْمانَ فيَسْألَه الحَجْرَ عَلَيَّ. فقال الزُّبَيرُ: أنا شَرِيكُكَ في البَيعِ. فأتَى عليٌّ عُثْمانَ، فقال: إنَّ ابنَ جَعْفَرٍ قد ابْتاعَ بَيعَ كذا، فاحْجُرْ عليه. فقال الزُّبَيرُ: أنا شَرِيكُه في البَيعِ. قال عثمانُ: كيف أحْجُرُ على مَن شَرِيكُه الزُّبَير (١)؟ قال أحمدُ: لم أسْمَعْ هذا إلَّا مِن أبي يُوسُف القاضِي. وهذه قَضِيَّةٌ يَشْتَهِرُ مِثْلُها، ولم يُخالِفْها أحَدٌ في عَصْرِهِم، فتكُونُ إجْماعًا. ولأنَّه سَفِيهٌ، فيُحْجَرٌ عليه، كما لو بَلَغ سَفِيهًا، فإنَّ العِلَّةَ التي اقْتَضَتِ الحَجْرَ عليه إذا بَلَغ سَفِيهًا سَفَهُهُ، وهو مَوْجُودٌ، ولأنَّ السَّفَهَ لو قارَنَ (٢) البُلُوغَ مَنَع دَفْعَ مالِه إليه، فإذا حَدَث، أوْجَبَ انْتِزاعَ المالِ، كالجُنُونِ. وفارَقَ الرَّشِيدَ؛ فإنَّ رُشْدَه لو قارَنَ البُلُوغَ لم يَمْنَعْ دَفْعَ مالِه


(١) أخرجه البيهقي، في: باب الحجر على البالغين بالسفه، من كتاب الحجر. السنن الكبرى ٦/ ٦١.
(٢) في الأصل: «فارق».