للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في قَضاءِ دَينِه، ودَفَع إليه مالًا ليَدْفَعَه إليه، فادَّعَى الوَكِيلُ قَضاءَ الدَّين ودَفْعَ المالِ إلى الغَرِيمِ، لم يُقْبَلْ قَوْلُه على الغَرِيمِ إلَّا ببَيِّنةٍ؛ لأنَّه ليس بأمِينِه، فلم يُقْبَلْ قَوْلُه عليه في ذلك, كما لو ادّعاه المُوَكِّلُ. فإذا حَلَف الغَرِيمُ، فله مُطالبَةُ المُوَكِّلِ؛ لأنَّ ذِمَّتَه لا تَبْرَأُ بدَفْعِ المالِ إلى وَكِيلِه. وهل للمُوَكِّلِ الرُّجُوعُ على وَكِيلِه؟ يُنْظَرُ؛ فإن كان قَضاه بغيرِ بَيِّنةٍ، فللمُوَكِّلِ الرُّجُوعُ عليه إذا قَضاه في غَيبَتِه. قال القاضي: سَواءٌ صَدَّقَه أو كَذَّبَه. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّه إذْنٌ له (١) في القَضاءِ يُبْرئُه (٢)، ولم يُوجَدْ. وعن أحمدَ، أنَّه لا يَرْجِعُ عليه بشيءٍ، إلَّا أن يكونَ أمَرَه بالإِشْهادِ فلم يَفْعَلْ. فعلى هذه الرِّوايَةِ، إن صَدَّقَه المُوَكِّلُ في الدَّفْعِ، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ، وإن كَذَّبَه، فالقولُ قولُ الوَكِيلِ مع يَمِينِه. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، ووَجْهٌ لأصحابِ الشافعيِّ؛ لأنَّه ادَّعَى فِعْلَ ما أمَرَه به مُوَكِّلُه، فكان القولُ قَوْلَه، كما لو أمَرَه ببَيعِ ثَوْبِه، فادَّعَى بَيعَه. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه مُفَرِّطٌ بتَرْكِ الإشْهادِ، فضَمِن, كما لو فَرَّطَ في البَيعِ بدُون ثَمَنِ المِثْلِ. فإن قِيلَ: فَلَمْ يأْمُرْه بالإِشْهادِ؟ قُلْنا: إطْلاقُ الأمْرِ بالقَضاءِ يَقْتَضي ذلك؛ لأنَّه لا يَثْبُتُ إلَّا به، فيَصِيرُ كأمْرِه بالبَيعِ والشِّراءِ، يَقْتَضي ذلك العُرْفُ لا


(١) سقط من: م.
(٢) في م: «يبرأ به».