للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صَحَّ، وكان بينَهم على ما شَرَطُوه. وقال القاضي: العَقْدُ فاسِدٌ في المَسْألتَين جميعًا. وهو ظاهِرُ قولِ الشافعيِّ؛ لأنَّ هذا لا يَجُوزُ أن يكونَ مُشارَكَةً ولا مُضارَبَة؛ لكَوْنِه لا يَجُوزُ أن يكونَ رَأسُ مالِهِما العُرُوضَ، ولأنَّ مِن شَرْطِهِما عَوْدَ رَأسِ المالِ سَلِيمًا، بمَعْنَى أنَّه لا يُسْتَحَقُّ شيء مِن الرِّبْحِ حتى يُسْتَوْفَى رَأسُ المالِ بكَمَالِه، والرّاويَةُ هاهُنا تَخْلُقُ (١) وتَنْقُصُ، ولا إجَارةً؛ لأنَّها تَفْتَقِرُ إلى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وأجْرٍ مَعْلُوم، فتكونُ فاسِدَةً. فعلى هذا، يكونُ الأجْرُ كلُّه في المَسْألَةِ الأولَى للسَّقَّاءِ؛ لأنَّه لَمّا غَرَف الماءَ في الإِناءِ مَلَكَهُ، فإذا باعَه فثَمَنُه له؛ لأنَّه عِوَضُ مِلْكِه، وعليه لصاحِبَيه (٢) أجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّه اسْتَعْمَلَ مِلْكَهُما بعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ لهما، فكان لهما أجْرُ المِثْلِ، كسائِرِ الإِجاراتِ الفاسِدَةِ. وأمّا في المسْألَةِ الثَّانِيَةِ، فإنَّهم إذا طَحَنُوا لرَجُلٍ طَعامًا بأُجْرَةٍ، نَظَرْتَ في عَقْدِ الإجارَةِ؛ فإن كان مِن واحدٍ منهم، ولم يَذْكُرْ أصحابَه ولا نَوَاهُم، فالأجْرُ كلُّه له، وعليه لأصْحابِه أجْرُ المِثْلِ، وإن نوَى أصْحابَه أو ذَكَرَهُم، كان كما لو عَقَد مع كلِّ واحدٍ منهم مُنْفَرِدًا، أو اسْتَأجَرَ مِن جَمِيعِهم، فقال: اسْتَأجَرْتُكُم لتَطْحَنُوا لي هذا الطَّعامَ بكذا. فالأجْرُ بينَهم أرْباعًا؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم قد لَزِمَه طَحْنُ رُبْعِه، ويَرْجِعُ كلُّ واحدٍ منهم على أصْحابِه برُبْع


(١) تخلق: تَبْلى.
(٢) في النسخ: «صاحبه». وانظر المغني ٧/ ١٢٠.