للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ تَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ تَكْمُلُ الثَّمَرَةُ فِيهَا.

ــ

٢١٢١ - مسألة: فإن قلنا: هي عَقْدٌ لازِمٌ. فلا يَصِحُّ إلا على مُدَّةٍ مَعْلُومةٍ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال أبو ثَوْرٍ: يَصِحُّ، ويَقَعُ على سَنَةٍ واحدةٍ. وأجازَه بعضُ الكُوفِيِّين اسْتِحْسانًا؛ لأنَّه لمّا شَرَط له جُزْءًا مِن الثَّمَرَةِ، كان ذلك دَلِيلًا على إرادَةِ مُدَّةٍ تَحْصُلُ فيها الثَّمَرَةُ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لازِمٌ، فوَجَبَ تَقْدِيرُه بمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، كالإِجارةِ، ولأنَّ المُساقاةَ أشْبَهُ بالإِجارَةِ؛ لأنَّها تَقْتَضِي العَمَلَ على العَينِ مع بَقائِها، ولأنَّها إذا وَقَعَتْ مُطْلَقةً، لم يُمْكِنْ حَمْلُها على إطْلاقِها مع لُزُومِها؛ لأنَّه يُفضِي إلى أنَّ العامِلَ يَسْتَبِدُّ بالشَّجَرِ كُلَّ مُدَّتِه؛ فيَصِيرُ كالمالِكِ، ولا يُمْكِنُ تَقْدِيرُه بالسَّنَةِ؛ لأنَّه تحكُّمٌ، وقد تَكْمُلُ الثَّمَرَةُ في أقَلَّ مِن السَّنَةِ. فعلى هذا، لا تَتَقَدَّرُ أكْثَرُ المُدَّةِ، بل يجوزُ ما يَتَّفِقان عليه من المُدَّةِ التي يَبْقَى الشَّجَرُ فيها، وإن طالتْ. وقيل: لا يجوزُ أكثرُ مِن ثَلاثِينَ سَنَةً. وهذا تَحَكُّمٌ وتَوْقِيتٌ لا يُصارُ إليه إلَّا بنَصٍّ أو إجْماعٍ. فأمّا أقَلُّ المُدَّةِ، فيَتَقَدَّرُ بمُدَّةٍ تَكْمُلُ فيها الثَّمَرَةُ، ولا يجوزُ على أقَلَّ منها؛ لأنَّ المَقْصُودَ اشْتِراكُهُما في الثَّمَرَةِ، ولا يُوجَدُ في أقَلَّ مِن هذه المُدَّةِ.