للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَضاعُه مِن أُمِّه، فجاز ذلك، كالإجارَةِ في سائرِ المَنافِعِ. فإنِ اسْتَأجَرَها للرَّضاعِ دُونَ الحَضانَةِ، أو للحضانَةِ دُونَ الرَّضاعِ، أو لَهما، جازَ. وإن أطْلَقَ العَقْدَ على الرَّضاعِ، دَخَلَتْ فيه الحَضانةُ في أحدِ الوَجْهَينِ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأي؛ لأنَّ العُرْفَ جارٍ بأنَّ المُرْضِعَةَ تَحْضُنُ الصَّبِيَّ، فَحُمِلَ (١) الإطْلاقُ عليه. والثاني، لا تَدْخُلُ. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّ العَقْدَ ما تَناوَلَها. ولأصْحابِ الشافعيِّ كهذين الوَجْهَينِ. والحَضانَةُ: تَرْبِيةُ الصَّبِيِّ وحِفْظُه وجَعْلُه في سَرِيرِه، ورَبْطُه، ودَهْنُه، وكَحْلُه، وتَنْظِيفُه، وغَسْلُ خِرَقِه، وأشْباهُ ذلك. واشْتِقاقُه مِن الحِضْنِ، وهو ما تحتَ الإِبطِ وما يَلِيه. وسُمِّيَتِ التَّرْبِيةُ حَضانةً تَجَوُّزًا مِن حَضانَةِ الطَّيرِ لبَيضِه وفِراخِه؛ لأنَّه يَجْعَلُها تحتَ جَناحِه، فَسُمِّيَتْ تَرْبِيةُ الصَّبِيِّ بذلك أخْذًا مِن فِعْلِ الطّائِرِ.

فصل: ولهذا العَقْدِ أرْبَعةُ شُرُوطٍ؛ أحَدُها، العِلْمُ بمُدَّةِ الرَّضاعَةِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ تَقْدِيرُه إلَّا بِها؛ لأنَّ السَّقْيَ والعَمَلَ فيها يَخْتَلِفُ. الثاني، مَعْرِفةُ الصَّبِيِّ بالمُشاهَدَةِ؟ لأنَّ الرَّضاعَ يَخْتَلِفُ بكِبَرِ الصَّبِيِّ وصِغَرِه، ونَهْمَتِه وقَناعَتِه. وقال القاضي: يُعْرَفُ بالصِّفَةِ، كالرَّاكِبِ. الثالثُ، مَوْضِعُ الرَّضاعِ؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ، فيَشُقُّ عليها في بَيته، ويَسْهُلُ في بَيتها. الرابعُ، مَعْرِفة العِوَضِ؛ لِما ذَكَرْنا.


(١) بعده في الأصل: «على».