للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَعْجِزُ عنه بالكُلِّيَّةِ، فجازَ ذلك، كالصِّبْغِ مِن الصَّبّاغِ، والحِبْرِ والأقْلامِ مِن الوَرّاقِ. وما ذَكَرَه يَنتَقِضُ بهذَينِ الأصْلَينِ. وفارَقَ لَبِنَ الحائِطِ؛ لأنَّ العادَةَ تَحْصِيلُ المُسْتَأْجِرِ إيّاه، ولا يَشُقُّ ذلك، بخِلافِ مَسْألَتِنا. وقال أصحابُ مالكٍ: يجوزُ أن يَسْتَأْجِرَ مَن يَبْنِي له جِدارًا والآجُرُّ مِن عندِه؛ لأنَّه اشْتَرَى ما يُتِمُّ به الصَّنْعَةَ التي عَقَد عليها، فإذا كان مَعْرُوفًا، جازَ، كما لو اسْتَأْجَرَه لِيَصْبُغَ له ثَوْبًا والصِّبْغُ مِن عندِه. ولَنا، أنَّ عَقْدَ الإِجارَةِ عَقْدٌ على المَنْفَعَةِ، فإذا شَرَط بَيعَ العَينِ، صار كبَيعَتَين في بَيعةٍ. ويُفارِقُ الصِّبْغَ، مِن حيثُ إنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليه؛ لأنَّ تَحْصِيلَ الصِّبْغِ يَشُقُّ على صاحِبِ الثَّوْبِ، وقد يكونُ الصِّبْغُ لا يَحْصُلُ إلَّا في حببٍ (١) يَحْتاجُ إلى مُؤْنةٍ كَثِيرةٍ، لا يَحْتاجُ إليها في صَبْغِ هذا الثَّوْبِ، فجازَ؛ لِمَسِيسِ الحاجَةِ إليه، بخِلافِ مَسْألَتِنا.

فصل: فإنِ اسْتَأْجَرَه مُدَّةً، فكَحَلَه فيها، فلم تَبْرَأْ عَينُه، اسْتَحَقَّ الأجْرَ. وبه قال الجماعةُ. وحُكِيَ عن مالكٍ، أنَّه لا يَسْتَحِقُّ أجْرًا حتى تَبْرَأَ عَينُه. ولم يَحْكِ ذلك أصحابُه، وهو فاسِدٌ؛ لأنَّ المُسْتَأْجِرَ قد وَفَّى


(١) في تش، م: «خنب». وفي الأصل غير منقوطة.
والحُبُّ: الجرة صغيرة كانت أو كبيرة، فارسي معرب. تاج العروس (ح ب ب).