للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وإن شَرَط على المُكْتَرِي النَّفَقَةَ الواجِبَةَ على المُكْرِي؛ كَعِمارَةِ الحَمّامِ، فالشَّرْطُ فاسِدٌ؛ لأنَّ العَينَ مِلْكٌ للمُؤْجِرِ، فنَفَقَتُها عليه. فإن أَنْفَقَ بِناءً على هذا الشَّرْطِ، احْتَسَبَ به على المُكَرِي (١)؛ لأنَّه أنْفَقَه على مِلْكِه بشَرْطِ العِوَضِ. فإنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ ما أنْفَقَ، ولا بَيِّنَةَ، فالقْولُ قولُ لمُكْرِي؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، فإن لم يَشْرُطْ، لكن أذِنَ له في الإِنْفاقِ ليَحْتَسِبَ له به مِن الأجْرِ، فَفَعَلَ، ثمَّ اخْتَلَفا، فالقولُ قولُ المُكْرِي أيضًا. وإن أنْفَقَ مِن غيرِ إذْنِه، لم يَرْجِعْ بشيءٍ؛ لأنَّه أنْفَقَ على مالِه بغيرِ إذْنِه نَفَقَةً غيرَ واجِبَةٍ على المالِكِ، أشْبَهَ ما لو عَمَرَ له دارًا أُخْرَى.

فصل: لا خِلافَ بينَ أهْلِ العِلْمِ في جَوازِ كِراءِ الإِبِلِ وغيرِها مِن الدَّوابِّ إلى مَكَّةَ وغيرِها، قال اللهُ تعالى: {وَالْخَيلَ وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} (٢). ولم يُفَرِّقْ بينَ المَمْلُوكَةِ والمُسْتَأْجَرَةِ. ورُوِيَ عن ابنِ عباسٍ في قولِه تعالى: {لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (٣). أن يَحُجَّ ويُكْرِيَ. ونحوُه عن ابنِ عُمَرَ. ولأنَّ بالنّاسِ حاجَةً إليه، وقد فَرَض اللهُ تعالى الحَجَّ على النَّاسِ، وليس لكلِّ أحَدٍ بَهِيمَةٌ يَمْلِكُها، ولا يُحْسِنُ القِيامَ بها والشَّدَّ عليها، فدَعَتِ الحاجَةُ إلى اسْتِئْجارِها، فجاز ذلك؛ دَفْعًا للحاجَةِ. إذا ثَبَت هذا، فمِن شَرْطِ


(١) في م: «المكتري».
(٢) سورة النحل ٨.
(٣) سورة البقرة ١٩٨.