للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على نَفْسِه، وإنِ ادَّعَى الإعارَةَ، فهو يَدَّعِي قِيمَتَها، والقولُ قولُه؛ لأنَّهما اخْتَلَفَا في صِفَةِ القَبْضِ، والأصْلُ فيما يَقْبِضُه الإِنسان مِن مالِ غيرِه الضَّمانُ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَى الْيَدِ مَا أخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّه» (١). حَدِيثٌ حَسَن. وإذا حَلَف المالِكُ اسْتَحَقَّ القِيمةَ، والقولُ في قَدْرِها قولُ الراكِبِ مع يَمِينه؛ لأنّه مُنْكِر للزِّيادَةِ المُخْتَلَفِ فيها، والأصْلُ عَدَمُها. وإنِ اختلفا في ذلك بعدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لمِثْلِها (٢) أجْرٌ، والبَهِيمَةُ تالِفَةٌ، وكان الأجْرُ بِقَدْرِ قِيمَتِها، أو كان ما يَدَّعِيه المالِكُ أقَلَّ مِمّا يَعْتَرِفُ به الرّاكِبُ، فالقولُ قولُ المالِكِ بغيرِ يَمِين، سَواءٌ ادَّعَى الإِجارَةَ أو الإِعارَةَ، إذ لا فائِدَةَ في اليمينِ على شيءٍ يَعْتَرِفُ له به خَصْمُه. ويَحْتَمِلُ أنَّ لا يَأْخُذَه إلَّا بِيَمِين؛ لأنَّه يَدَّعِي شيئًا لا يُصَدَّقُ فيه، ويَعْتَرِفُ له خَصْمُه بما لا يَدَّعِيه، فيَحْلِفُ على ما يَدَّعِيه. وإن كان ما يَدَّعِيه المالِكُ أكثَرَ، بأن تكونَ قِيمَةُ الدّابَّةِ أكْثَرَ مِن أجْرِها، فادَّعَى المالِكُ أنَّها عارِيَّة لتَجبَ له القِيمَةُ، وأنْكَرَ اسْتِحْقاقَ الأَجْرِ، وادَّعَى الرّاكِبُ أنَّها مُكْتَراةٌ، أَو كان الكِراءُ أكْثَرَ مِن قِيمَتِها، فادَّعَى المالِكُ أنَّه أجَرَها؛ ليَجِبَ له الكِرَاءُ، وادَّعَى الرّاكِبُ أنَّها عارِيَّةٌ، فالقَوْلُ قولُ المالِكِ في الصُّورَتَين؛ لِما قَدَّمْنا، فإذا حَلَف، اسْتَحَقَّ ما حَلَف عليه. ومَذْهَبُ الشافعيِّ في هذا كلِّه نَحْوُ ما ذَكَرْنا.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٩٠.
(٢) في تش، ر ١، م: «لها».