للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو بغيرِ اخْتِيارِه، مثلَ أنِ انْهَدَمَ. ثم إن كانتِ الأنْقاضُ (١) مَوْجُودَةً، أخَذَها مع العَرْصَةِ بالحِصَّةِ، وإن كانت مَعْدُومَةً، أخَذَ العَرْصَةَ (٢) وما بَقِيَ مِن البِنَاءِ. هذا ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ في روايةِ ابنِ القاسِمِ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، والعَنْبرِيِّ، وأبي يُوسُفَ، وقولٌ للشافعيِّ. وقال ابنُ حامِدٍ: إن كان التَّلَفُ بفِعْلِ آدَمِيٍّ، كما ذَكَرْنا، وإن كان بفِعْلِ اللهِ تَعالى؛ كانْهِدامِ البِناءِ بنَفْسِه، أو حَرِيقٍ، أو غَرَقٍ، فليس للشَّفِيعِ أخْذُ الباقِي إلَّا بكلِّ الثَّمَنِ، أو يَتْرُكُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وقولٌ للشافعيِّ؛ لأنَّه متى كان النَّقْصُ بفِعْلِ آدَمِيٍّ، رَجع بَدَلُه إلى المُشْتَرِي، فلا يَتَضرَّرُ، ومتى كان بغيرِ ذلك، لم يَرْجِعْ إليه شيءٌ، فيكونُ الأخْذُ منه إضْرارًا به، والضَّرَرُ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ. ولَنا، أنَّه تَعَذَّرَ على الشَّفِيعِ أخْذُ الجميعِ، وقَدَر على أخْذِ البَعْضِ، فكان له بالحِصَّةِ، كما لو تَلِفَ بفعلِ آدَمِيٍّ سِوَاه، وكما لو كان له شَفِيعٌ آخَرُ، أو نقولُ: أخَذَ بعضَ ما دَخَل معه في العَقْدِ، فأخَذَه بالحِصَّةِ، كما لو كان معه سَيفٌ. وأمَّا الضَّرَرُ فإنَّما حَصَل بالتَّلَفِ، ولا صُنْعَ للشَّفِيعِ فيه، والذي يَأْخُذُه الشَّفِيعُ يُؤَدِّي ثَمَنَه، فلا يَتَضرَّرُ المُشْتَرِي بأخْذِه. وإنَّما قُلْنا: يَأْخُذُ الأنْقاضَ (١) وإن كانت مُنْفَصِلَةً؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَه كان حال عَقْدِ البَيعِ، وفي تلك الحالِ كان مُتَّصِلًا اتِّصالًا ليس مَالُه إلى الانْفِصالِ، وانْفِصالُه بعدَ ذلك لا يُسْقِطُ حَقَّ الشفْعَةِ.


(١) في م: «الأبعاض».
(٢) في م: «العوض».