للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِيه مِن التضْيِيقِ على النّاسِ ومَنْعِهِم مِن الانْتِفاعِ بشيء لهم فيه حَق، فرَوَى الصَّعْبُ بنُ جَثّامَةَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لا حِمَى إلَّا للهِ وَلِرَسُولِه». رَواه أبو داودَ (١). وقال عليه الصلاةُ والسّلامُ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ في ثَلَاث؛ فِي المَاءِ، والنَّارِ، والكَلَأ». رَواه الخَلالُ (٢). فليس لأحَد مِن النّاسِ أن يَحْمِيَ سِوَى الأئِمّةِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الخَبَرِ والمَعْنَى. فأمّا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقد كان له أن يَحْمِيَ لنَفْسِه وللمسلمين؛ لقَوْلِه: «لا حِمَى إلَّا لِلّهِ ولِرَسُولِهِ». ولم يَحْمِ لنَفْسِه شيئًا، وإنَّما حَمَى للمسلمين، فرَوَى ابنُ عُمَرَ، قال: حَمَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِيعَ لخَيلِ المسلمينُ. رَواه أبو عُبَيدٍ (٣). والنَّقِيعُ، بالنُّونِ: مَوْضِعٌ يُنْتَقَعُ فيه الماءُ، فيَكْثُرُ فيه الخِصْبُ؛ لمَكانِ الماءِ الذي يَصِيرُ فيه. وأمّا سائِرُ أئِمَّةِ المسلمين، فليس لهم أن يَحْمُوا لأنْفُسِهِم شيئًا، ولكن لهم أن يَحْمُوا مواضِعَ لتَرْعَى فيها خَيلُ المُجاهِدِين، ونَعَمُ الجِزْيَةِ، وإبِلُ الصَّدَقَةِ، وضَوالُّ الناسِ التي يَقُومُ الإمامُ بحِفْظِها، وماشِيَةُ الضَّعِيفِ مِن النّاسِ، على وَجْهٍ لا يَسْتَضِرُّ به مَن سِواه مِن الناسِ. وبهذا


(١) في: باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، من كتاب الخراج. سنن أبي داود ٢/ ١٦٠. كما أخرجه البخاري، في: باب لا حمى إلا لله ولرسوله، من كتاب المساقاة، وفي: باب أهل الدار يبيتون. . . .، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري ٣/ ١٤٨، ٤/ ٧٤. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٨، ٧١، ٧٣.
(٢) تقدم تخريجه في ١١/ ٨٠.
(٣) في: باب حمى الأرض ذات الكلأ والماء. الأموال ٢٩٨.كما أخرجه الإمام أحمد، في: السند ٢/ ١٥٥، ١٥٧.