للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أمّا ما رَأتِ الدَّمَ البَحْرانِيَّ (١) فإنَّها تَدَعُ الصلاةَ، إنَّها واللهِ لن تَرَى الدَّمَ بعدَ أيَّامِ مَحِيضِها إلَّا كغُسالَةِ ماءِ اللَّحْمِ. ولأنَّه خارِجٌ مِن الفَرْجِ يُوجِبُ الغُسْلَ؛ فرُجِعَ إلى صِفَتِه عندَ الاشْتِباهِ، كالمَنِيِّ والمَذْي.

فصل: وظاهِرُ كلامِ شَيخِنا (٢)، رَحِمه اللهُ، ها هنا، أنَّ المُمَيِّزةَ إذا عَرَفَتِ التَّمْيِيزَ جَلَسَتْه مِن غيرِ تَكْرارٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ ابنِ عَقِيلٍ؛ لأنَّ مَعْنَى التَّمْيِيزِ أن يَتَمَيَّزَ أحَدُ الدَّمَين عن الآخَرِ في الصِّفَةِ، وهذا يُوجَدُ بأوَّلِ مَرَّةٍ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال القاضي، وأبو الحسنِ الآمِدِيُّ: إنَّما تَجْلِسُ المُمَيِّزَةُ مِن التَّمْيِيزِ ما تَكَرَّرَ مَرَّتَين أو ثلاثًا، بِناءً على الرِّوايَتَين، فيما تَثْبُتُ به العادَةُ. ولَنا، قولُ النبيِّ: - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أقْبَلَتِ الْحَيضَةُ فَاتْركِي الصَّلَاةَ، فَإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي». أمَرَها بتَرْكِ الصلاةِ إذا أقْبَلَتِ الحَيضَةُ، مِن غيرِ اعْتِبارِ أمْرٍ آخَرَ، ثم مَدَّه إلى حينِ إدْبارِه؛ ولأنَّ (٣) التَّمْيِيزَ أمارَةٌ بمُجَرَّدِه، فلم يَحْتَجْ إلى


(١) دم بحراني: شديد الحمرة، كأنه نسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم، وزادوه في النسب ألفا ونونا للمبالغة. النهاية ١/ ٩٩.
(٢) انظر: المغني ١/ ٣٩٣.
(٣) في م: «لأن».