للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وتَصِحُّ البَراءَةُ مِن المَجْهُولِ، إذا لم يكنْ لهما سَبِيلٌ إلى مَعْرِفَتِه. وقال أبو حنيفةَ: تَصِحُّ مُطْلَقًا. وقال الشافعيِّ: لا تَصِحُّ، إلَّا أول إذا أراد ذلك، قال: أبرَأتكَ مِن درْهَمٍ إلى ألْفٍ. لأنَّ الجَهالةَ إنَّما مُنِعَتْ لأجْلِ الغَرَرِ، فإذا رَضِيَ بالجُملَةِ فقد زال الغَرَرُ وصَحَّتِ البَراءَةُ. ولَنا، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لرَجُلَين اخْتَصَما إليه في مَوارِيثَ دَرَسَتْ: «اقْتَسِما، وتَوَخَّيَا الحَقَّ (١)، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثم تَحَالَّا». رَواه أبو داودَ (٢). ولأنَّه إسْقاطٌ، فصَحّ في المَجْهُولِ، كالطَّلاقِ والعِتَاقِ، وكما لو قال: من دِرْهَم إلى ألْفٍ. ولأنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إلى تَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ، ولا سَبِيلَ إلى العِلْمِ بما فيها، فلو وَقَفَت صِحَّةُ البَراءَةِ على العِلْمِ، لكان سَدًّا لبابِ عَفْو الإِنْسانِ عن أخِيه المُسْلِمِ وتَبْرِئَةِ ذِمَّتِه، فلم يَجُزْ


(١) سقط من: م.
(٢) تقدم تخريجه في ١١/ ٢٥٧.