للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعِنْدِي أنَّهَا تَصِيرُ إِلَيهِ مِنْ غَيرِ تَكْرَارٍ.

ــ

يَتَكَرَّرَ مَرَّتَين، وإن رَأتْه بعدَها فهو حَيضٌ. قال شيخُنا (١)، رحِمَه اللهُ: (وعِندِي أنَّها تَصِيرُ إليه مِن غيرِ تَكرارٍ). وبه قال الشافعيُّ؛ لأنَّ النِّساءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إلى عائشةَ بالدِّرَجَةِ فيها الصُّفْرَةُ والكُدْرَةُ، فتَقُولُ: لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَينَ القَصَّةَ البَيضاءَ (٢). مَعْناه: لا تَعْجبْنَ بالغُسْلِ. ولو لم تَعُدَّ الزِّيادَةَ حَيضًا، لَلَزِمَها الغُسْلُ عندَ انْقِضاءِ العادَةِ وإن لم تَرَ القَصَّةَ. ومعنى القَصَّةِ أن تُدْخِلَ القُطْنَةَ في فَرْجِها فتَخْرُجَ بَيضاءَ نَقِيَّةً. ولأنَّ الشّارِعَ عَلَّقَ على الحَيضِ أحْكامًا، ولم يَحُدَّه، فعُلِمَ أنَّه رَدَّ النّاسَ فيه إلى عُرْفِهم، والعُرْفُ بينَ النِّساءِ أنَّ المرأةَ متى رَأتْ دَمًا يَصْلُحُ أن يكُونَ حَيضًا، اعْتَقَدَتْه حَيضًا. ولو كان عُرْفُهُنَّ اعْتِبارَ العادَةِ على الوَجْهِ المَذْكُورِ لنُقِلَ ظاهِرًا، ولذلك لَمّا كان بَعْضُ أزْواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الخَمِيلَةِ، فجاءَها الدَّمُ، فانْسَلَّتْ مِن الخمِيلَةِ، فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا لَك؟ أَنَفِسْتِ» (٣)؟ قالت: نعم. فأمَرَها أن تَأْتَزِرَ (٤). ولم يَسْألْها: هل وافَقَ


(١) انظر: المغني ١/ ٤٣٤.
(٢) أخرجه البخاري، في: باب إقبال المحيض وإدباره، من كتاب الحيض. صحيح البخاري ١/ ٨٧. والإمام مالك، في: باب طهر الحائض، من كتاب الطهارة. الموطأ ١/ ٥٩.
(٣) بفتح النون وضمها، أي: أحِضْتِ.
(٤) أخرجه البخاري، في: باب من سمى النفاس حيضا، وباب النوم مع الحائض في ثيابها، وباب من أخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر، من كتاب الحيض، وفي: باب القبلة للصائم، من كتاب =