للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا مات السيدُ. الثاني، أن يُعَلِّقَ التدبيرَ على صِفَةٍ، مثلَ أن يقولَ: إن دَخَلْتَ الدارَ فأنتَ مُدَبَّرٌ، أو إن قَدِمَ زَيدٌ، أو إن شَفَى اللهُ مريضِي، فأنت حُرٌّ بعدَ مَوتي. فهذا لا يَصِيرُ مُدَبَّرًا في الحالِ؛ لأنَّه عَلَّقَ التدبِيرَ على شَرْطٍ. فإذا وُجِدَ صار مُدبَّرًا وعَتَق بموتِ سَيِّدِه. وإن لم يُوجَدْ في حياةِ السَّيِّدِ ووُجِدَ بعدَ موتِه لم يَعْتِقْ؛ لأنَّ إطْلاقَ الشرطِ يَقْتَضِي وُجُودَه في الحياةِ، بدليلِ ما لو عَلَّقَ عليه عِتْقًا مُنْجَزًا، فقال: إذا دَخَلْتَ الدارَ فأنتَ حُرٌّ. فدَخَلَها بعدَ مَوتِه، لم يَعْتِقْ. ولأنَّ المُدَبَّرَ مَن عُلِّقَ عِتْقُه بالمَوتِ، وهذا قبلَ المَوت لم يكنْ مُدَبَّرًا. وبعدَ المَوتِ لا يُمْكِنُ حُدوثُ التدبيرِ فيه.

فصل: فإن قال لعبْدِه: إذا قرأتَ القرآنَ فأنتَ حر بعدَ مَوتِي. فقرأ القرآنَ جَمِيعَه، صار مدَبَّرًا. وإن قرأ بَعْضَه لم يَصِرْ مُدَبَّرًا. وإن قال: إذا قرأتَ قُرْآنًا فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوتِي. فقرأ بَعْضَ القرآنِ، صار مُدَبَّرًا؛ لأنَّه في الأُولَى عَرَّفَه بالألفِ واللامِ المُقْتَضِيَةِ للاسْتغْراقِ، فعاد إلى جَمِيعِه، وههنا نَكَّرَه، فاقْتَضَى بعضَه. فإن قيلَ: فقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ} (١). {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (٢). ولم يُرِدِ القرآنَ جميعَه. قلنا: قَضِيَّةُ اللفظِ تَتَناولُ جميعَه؛ لأن الألفَ واللامَ للاسْتِغْراقِ، وإنَّما حُمِلَ على بعضِه بدَلِيل، فلا يُحْمَلُ


(١) سورة النحل ٩٨.
(٢) سورة الإسراء ٤٥.