للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أُمَّ وَلَدِ غيرِه بشُبْهَةٍ وأوْلَدَها، فلا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له؛ لأنَّها مَمْلوكةُ غيرِه، فأشْبَهَ ما لو باعها ثم أوْلَدَها، وعليه مَهْرُها لها؛ لأنَّ الكِتابةَ لم تَبْطُلْ. والوَلَدُ حُرٌّ؛ لأنَّه مِن وَطْءِ شُبْهَةٍ، وعليه قِيمَتُه للأوَّلِ؛ لأنَّه فَوَّتَ رِقَّه عليه، وكان مِن سَبِيلِه أن يكونَ رَقِيقًا له، حُكْمُه حُكْمُ أُمِّه، فتَلْزَمُه قِيمَتُه على هذه الصِّفةِ. وقد ذَكَرْنا في وُجُوبِ نِصْفِ قِيمةِ الأوَّلِ خِلافًا. فإن قُلْنا بوُجُوبِها، تقاصَّا بما لواحدٍ منهما على صاحِبِه في القَدْرِ الذي تَساوَيا فيه، ويَرْجِعُ ذو الفَضْلِ بفَضْلِه، وتُعْتَبَرُ القِيمةُ يومَ الولادةِ؛ لأنَّها أوَّلُ حالٍ أمْكَنَ التَّقْويمُ فيها. وذكَرَ القاضي في المسألةِ أرْبعةَ أحْوالٍ؛ أحدُها، أن يكونا مُوسِرَين، فالحُكْمُ على ما ذَكَرْنا، إلَّا أنَّه جَعَلَ المَهْرَ الواجِبَ على الثاني للأوَّلِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّ الكِتابَةَ لا تَبْطُلُ بالاسْتِيلادِ، ومَهْرُ المُكاتَبَةِ لها دونَ سَيِّدِها، ولأنَّ سيدَها لو وَطِئَها وَجَبَ عليه المهرُ لها (١)، فلَأَن لا يَمْلِكَ المَهْرَ الواجِبَ على غيرِه أوْلَى، ولأنَّه عِوَضُ نَفْعِها، فكان لها، كأُجْرَتِها. الثاني، أن يكونَ الأوَّلُ مُوسِرًا والثاني مُعْسِرًا، فيكونُ كالحالِ الأوَّلِ سَواءً. قال القاضي: إلَّا أنَّ وَلَدَه يكونُ مَمْلُوكًا؛ لإِعْسارِه بقِيمَتِه. وهذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الوَلَدَ لا يَرِقُّ بإعْسارِ وَالدِهِ، بدليلِ ولَدِ المَغْرُورِ مِن أمَةٍ، والوَاطِئِ بشُبْهَةٍ. وكلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنا بحُرِّيَّةِ الوَلَدِ، لا يَخْتَلِفُ بالإعْسارِ واليَسارِ، وإنَّما يُعْتَبَرُ اليسارُ في سِرايةِ العِتْقِ، وليس عِتْقُ هذا بطريقِ السِّرايَةِ، إنَّما هو


(١) سقط من: الأصل.