للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَقْدُ عُصر يَدُومُ الضَّرَرُ فيه، فكان لها الاحْتِياطُ لنَفْسِها، والنَّظرُ في خِطْبَتِها. وإن رَجَعا عن ذلك لغيرِ غَرَض، كُرِهَ؛ لما فيه مِن إخْلافِ الوَعْدِ والرُّجُوعِ عن القولِ، ولم يَحْرُمْ؛ لأنَّ الحَقَّ بعدُ لم يَلْزَمْهما (١)، كمَن ساوَمَ بسِلْعَتِه، ثم بدا له أن لا يَبِيعَها.

فصل: فإن كان الخاطِبُ الأوَّلُ ذِمِّيًّا، لم تَحْرُمِ الخِطْبَةُ على خِطْبَتِه. نصَّ عليه أحمدُ، فقال: «لا يَخْطُبُ على خِطْبَةِ أخِيه، ولا يُساومُ على سَوْمِ أخيه». إنَّما هو للمُسْلِمينَ، ولو خَطَب على خِطْبَةِ يَهُودِي أو نَصْرانِيٍّ، أو سام على سَوْمِهما، لم يَكُنْ داخلًا في ذلك؛ لأنَّهم ليسوا بإخْوَةٍ للمُسْلمِينَ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا يَجُوزُ أيضًا؛ لأنَّ هذا خَرَجَ مَخْرَجَ (٢) الغالِبِ، لا لتَخْصيص المُسْلِمِ به. ولَنا، أنَّ لَفْظَ النَّهْي خاصٌّ في المسْلمينَ، وإلْحاقُ غيرِه به إنَّما يَصِحُّ إذا كان مثلَه، وليس الذِّمِّي كالمُسْلِم، ولا حُرْمَتُه كحُرْمَتِه، ولذلك لم تَجِبْ إجابَتُهم في دَعْوةِ الوَلِيمَةِ ونحوها. وقولُه: خَرَج مَخْرَجَ (٢) الغالِبِ. قُلْنا: متى كان في المَخْصُوصِ بالذِّكْرِ (٣) مَعْنًى يصْلُحُ أن يُعْتَبَرَ في الحُكْمِ، لم يَجُزْ حَذْفُه ولا تَعْدِيَةُ الحُكْمِ بدُونِه، والأخُوَّةُ الإسلامِيَّةُ لها تَأثِيرٌ في وُجُوبِ الاحْتِرامَ، وزِيادَةِ الاحْتِياطِ في رِعايَةِ حُقُوقِه، وحِفْظِ قَلْبِه، واسْتِيفاءِ (٤) مَوَدَّتِه، فلا يَجُوزُ حَذْفُ ذلك.


(١) في النسختين: «يلزمها». وانظر المغني ٩/ ٥٧١.
(٢) في الأصل: «مجرى».
(٣) سقط من: م.
(٤) كذا في النسختين، وفي المغني ٩/ ٥٧٢: «استبقاء».