للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كَتَبَ كِتَابًا وَأَدْرَجَهُ وَخَتَمَهُ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِى إِلَى

ــ

فائدة: قال ابنُ نَصْرِ اللهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: هل يجوزُ أنْ يشْهَدَ على القاضى- فيما أَثْبَتَه وحَكَمَ به- الشاهِدان اللَّذان شَهِدا عندَه بالحقِّ المَحْكُومِ به؟ لم أجِدْ لأصحابِنا فيها نصًّا، ومُقْتَضَى قاعِدَةِ المذهبِ، أنَّها لا (١) تُقْبَلُ؛ لأنَّها تَتَضَمَّنُ الشَّهادةَ عليه بقَبُولِه شَهادَتَهما، وإثْباتِه بها الحَقَّ والحُكْمَ؛ فالثُّبوتُ والحُكْمُ مَبْنِيَّان على قَبُولِ شَهادَتِهما، وشَهادَتُهما عليه (٢) بقَبُولِه شَهادَتَهما نَفْعٌ لهما، فلا يجوزُ قبولُها، وإذا بَطَلَتْ بعْضُ الشَّهادَةِ، بَطَلَتْ؛ لأنَّها لا تَتَجَزَّأُ. وفى «رَوْضَةِ الشَّافِعِيَّةِ» عن أبى طاهِرٍ، يجوزُ أنْ يكونَ الشَّاهِدان بحُكْمِ القاضى هما اللَّذانِ شَهِدا عندَه وحكَم بشَهادَتِهما؛ لأنَّهما الآنَ يشْهَدان على فِعْلِ القاضى.

قال أبو طاهِرٍ: وعلى هذا تَفَقَّهْتُ، وأدْرَكْتُ القُضاةَ. انتهى. وهذا فيما إذا كانتْ شَهادَتُهما على الحُكْمِ رُبَّما تَحْتَمِلُ قَبُولَه على ما فيه، وأما على الثُّبوتِ، فهذا فى غايَةِ البُعْدِ. وقد أَفْتَى بالمَنْعِ قاضِى القُضاةِ بَدْرُ الدِّينِ العَيْنِىُّ الحَنَفِىُّ (٣)، وقاضى القُضاةِ البِساطِىُّ المالِكِىُّ. ويأْتِى التَّنْبِيهُ على ذلك فى مَوانِعِ الشَّهادَةِ.

قوله: وإنْ كَتَبَ كِتابًا، وأدْرَجَه وخَتَمَه، وقالَ: هذا كِتابِى إلى فُلانٍ (٤)، اشْهَدا عَلَىَّ بما فيه. لم يَصِحَّ؛ لأنَّ أحمدَ- رَحِمَه اللهُ- قال فى مَن كَتَبَ وَصِيَّةً


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: ط.
(٣) محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد، بدر الدين العينى، أبو محمد الحنفى، وحيد دهره وعمدة المؤرخين، قاضى القضاة الحنفية بالديار المصرية، برع فى الفقه والتفسير والحديث واللغة والتاريخ، وله مصنفات عدة. توفى سنة خمس وخمسين وثمانمائة. شذرات الذهب ٧/ ٢٦٢. الأعلام للزركلى ٨/ ٣٨.
(٤) بعده فى الأصل: «من غير أن يقول».