للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، عن كلامَ المُصَنِّفِ: وظاهِرُ كلامِه، الفَرْقُ بينَ الظَّالِمِ والمَظْلومِ، سواءٌ كان الظَّالِمُ البائعَ أو المُشْتَرِيَ. ولم أجِدْ نقْلًا صَريحًا يُوافِقُ ذلك ولا دَليلًا يقْتَضِيه، بلِ المَنْقولُ في مِثْلِ ذلك، وذكَر كلامَ القاضي، وأبي الخَطَّابِ. انتهى. وهو عَجِيبٌ منه؛ فإنَّ المَسْأَلَة ليس فيها مَنْقولٌ صَرِيحٌ عن الإِمامِ أحمدَ حتى يُخالِفَه، بلِ المَنْقولُ فيها عنِ الأصحابِ، وهو مِن أعْظَمِهم. وقد اخْتارَ ما قطَع به هنا في «المُغْنِي»، فقال: ويقْوَى عندِي. وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وقدَّمه في «النَّظْمِ». وذكَرَه قوْلًا في «الفُروعِ»، و «الرِّعايتَين». وقوْلُه: ولا وَجدْتُ دَليلًا يَقْتَضِيه. غيرُ مُسَلَّمٍ؛ فإنَّ فَسْخَ المَظْلومِ ظاهِرًا وباطِنًا، ظاهِرُ الدَّليلِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. وأمَّا فَسْخُ الظَّالِمِ للعَقْدِ، فإنَّه لا يصِحُّ بالنِّسْبَةِ إليه؛ لأنَّه لا يحِلُّ له الفَسْخُ، فلم يثْبُتْ حُكْمُه بالنِّسْبَةِ إليه. وهذه عادةُ ابنِ مُنَجَّى في «شَرْحِه» مع المُصَنِّفِ، إذا لم يطَّلِعْ على مَنْقولٍ بما قاله المُصَنِّفُ، اعْتَرضَ عليه، وهذا ليس بجَيِّدٍ، فإنَّ الاعْتِذارَ عنه أوْلَى مِن ذلك، والمُصَنِّفُ إمامٌ جَليلٌ، له اخْتِيارٌ واطِّلاعٌ على ما لم يُطَّلَعْ عليه. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ في حُكْمِ المَسْأَلةِ، أن العَقْدَ يَنْفَسِخُ ظاهِرًا وباطِنًا مُطْلَقًا. كما جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الخُلاصَةِ». واخْتارَه القاضي، وقال: هو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ. واخْتارَ أبو الخَطَّابِ؛ إنْ كان البائعُ ظالِمًا، انْفَسخَ في حقِّه ظاهِرًا لا باطِنًا، وإنْ كان المُشْتَرِي ظَالِمًا، انْفسَخَ ظاهِرًا وباطِنًا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وأطْلَقهما في «المُذْهَبِ»، و «البُلْغةِ». واخْتِيارُ المُصَنِّفِ قَوْلٌ ثالِثٌ. واللهُ أعلمُ.