للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرَّابعةُ، هل يَمْنَعُ الدّينُ انْتِقال التَّرِكَةِ إلى الوَرَثَةِ، أم لا يَمْنَعُ؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهما، لا يَمْنَعُ، بل تَنْتَقِلُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضي، وأصحابُه. قال ابنُ عَقِيلٍ: هي المذهبُ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هو المَنْصوصُ المَشْهورُ المُخْتارُ للأصحاب. وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ، أنَّ المُفْلِسَ إذا ماتَ، سقَط حقُّ البائعِ مِن غيرِ مالِه؛ لأنَّ المال انْتَقَلَ إلى الوَرَثَةِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: أشْهَرُ الرِّوايتَين الانْتِقالُ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تَنْتَقِلُ. نقَلَها ابنُ مَنْصُورٍ. وصحَّحه النَّاظِمُ. ونصَرَه في «الانْتِصارِ». ويأتي ذلك في آخِرِ القِسْمَةِ بأتَمَّ مِن هذا. ولهذا الخِلافِ فَوائدُ، يأْتِي بَيانُها قَرِيبًا. ولا فَرْقَ في ذلك بينَ دُيونِ اللهِ تَعالى، ودُيونِ الآدَمِيِّين، ولا بينَ الدُّيونِ الثَّابِتَةِ في الحَياةِ، والمُتَجَدِّدَةِ بعدَ المَوْتِ بسَبَب يَقْتَضِي الضَّمانَ؛ كحَفْرِ (١) بِئْرٍ ونحوهِ. صرَّح به القاضي. وهل يُعْتَبرُ كَوْنُ الدَّينِ مُحِيطًا بالتَّرِكَةِ، أمْ لا؟ قال في «القَواعِدِ»: صرَّح به جماعَةٌ؛ منهم صاحِبُ «التَّرْغِيبِ»، في التَّفْليسِ. وقال في «الفَوائدِ»: ظاهِرُ كلامِ طائفَةٍ، اعْتِبارُه؛ حيثُ فرَضُوا المَسْأْلةَ في الدَّينِ المُسْتَغْرِقِ. ومنهم مَن صرَّح بالمَنْعِ مِنَ الانْتِقالِ، وإنْ لم يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا. ذكَرَه في مَسائلِ الشُّفْعَةِ. وعلى القَوْلِ


(١) من هنا وحتى قوله: «ذكره في الانتصار» في صفحة ٣٣١ سقط من: الأصل، ط.