للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

اصطدما بلا قصدٍ فعلى عاقلةِ كلٍّ نصفُ ديةٍ مخفَّفةٍ، فإن كان أحدُهما قويًّا والآخرُ ضعيفًا وحركتُه ضعيفة، بحيث يُقطع أنَّه لا أثر لحركتهِ مع الآخرِ، فإنه يكونُ كالواقِفِ فهَدَر القويُّ وعلى عاقلتِهِ ديةُ الضعيفِ (١).

وإن تعمَّدا الاصطدامَ فالحاصلُ شبه عمدٍ، فعلى عاقلةِ الآخرِ نصفُها مغلظةً، وعلى كلٍّ كفارتان، إذ لا يتجزَّأ على المشهور، ويجبُ على قاتلِ نفسِهِ على الأصحِّ، وفِي تركة كلٍّ نصف قيمة دابَّةِ الآخر إن ماتَ مركوباهما.

وإن كانت الدَّابتان قويتين، فإن كانت إحداهُما ضعيفةً بحيثُ يقطعُ بأنَّه لا أثرَ لحركتها مع قوَّةِ الدَّابَّةِ الأخرَى، فلا يناطَ بحركتها حكم، كغرزِ الإبرةِ في جلد العقب مع الجراحاتِ العظيمةِ (٢).

وحكمُ الصبيينِ والمجنونينِ حكمُ الكاملينِ بالقيدِ السابقِ فيهما وفِي دابَّتيهِما، ولا يتعلق بولي حضانتهما الضمانُ إذا أركبهما على النصِّ، قال الشافعيُّ -رضي اللَّه عنه-: (وَسَوَاءٌ في الِاصْطِدَامِ الْفَارِسَانِ اللَّذَانِ يَعْقِلَانِ وَالْمَعْتُوهَانِ والأعميان وَالْبَصِيرَانِ وَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَعْتُوهًا وَالْآخَرُ عَاقِلًا أَوْ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا وَالآخَرُ بَالِغًا إذَا كَانَا رَاكِبَي الدَّابَّتَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ حَمَلَهُمَا عَلَيْهِمَا أَبَوَاهُمَا أَوْ وَلِيَّاهُمَا في النَّسَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَبٌ) (٣).

فَإِنْ أركبهما الوليُّ دابةً شرسةً جموحًا تعلَّق به الضمانُ، ولو أركبهما


(١) "روضة الطالبين" (٩/ ٣٣١ - ٣٣٢).
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ٣٣٢).
(٣) "كتاب الأم" (٦/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>