للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانَ الواقعُ خلافَ ذلكَ (١).

وإذا ادَّعى دينًا مما يجبُ وفاؤُه، أو عينًا هي في يدِ المدَّعى عليه، أو حقًّا من الحقوقِ المتعلِّقَةِ بالمدَّعى عليه، مما يتوجَّهُ للمدعي على الغائبِ في ذلك استحقاقٌ ناجزٌ، فإنَّهُ تُسمعُ الدعوى والبينةُ.

ولو ادَّعى عفوه عنِ الشُّفعةِ المستحقَّةِ له على الحاضرِ، أو أنَّه قبَضَ دينَهُ الفلاني عليَّ، أو أبرأني منهُ، وقال: لست آمنَ أَنْ ينكرَ. لم يسمعِ القاضي بينتَهُ. ذكرَهُ الماورديُّ (٢)، وهو متجهٌ، وحيثُ قلنا لا تسمعُ بينتُهُ فلا تسمعُ دعواهُ.

ثم إنْ أرادَ المدَّعِي من الحاكِمِ حُكمًا بما ثبتَ له إجابةٌ سواءٌ كان للغائبِ المحكومِ عليه مالٌ حاضرٌ، أم لمْ يكنْ، ويجبُ أن يحلِّفَهُ بعد قيامِ البينةِ الكاملةِ وتعديلها، فإنْ كانَ المُدَّعى به مما يثبتُ بشاهدٍ ويمينٍ، فإنَّ هذا التحليفَ يكونُ بعد شهادَةِ الشاهدِ وبعدَ الحلفِ معَ الشاهدِ، فيحلفُ حينئذٍ أنَّ الحقَّ ثابتٌ في ذمَّتِهِ، وأنَّه يجبُ تسليمُهُ إليَّ، وإن كانَ الحقُ عينًا فلا يحلفُ فيها على ذلكَ، بل يحلفُ على ما لوِ ادَّعاهُ الغائبُ في العينِ، وطلب حَلِفَ المُدَّعي يجابُ إليهِ، ويتعرَّضُ الحاكمُ لما يتعلَّقُ بالبينةِ، مما لوِ ادَّعاهُ الغائبُ وطلَبَ حَلِفَ المُدَّعي بذلك يُجابُ إليه احتياطًا للغائبِ.

وهذا التَّحليفُ واجبٌ على الأرجحِ، وقيلَ: مستحبٌّ، ومحلُّهُ حيثُ لم يكنِ للغائبِ وكيلٌ، فإن كانَ لَهُ وكيلٌ فلا يجبُ على القاضِي أن يحلفَ المُدَّعي اليمين المذكورَةَ ولا يستحبُّ له ذلكَ، وطلبُ الحلفِ حينئذٍ من وظيفةِ الوكيلِ، فإنْ لم يكُنْ وكيلًا في طلبِ الحلفِ جاءَ الخلافُ المذكورُ.


(١) "منهاج الطالبين" (ص ٣٤٠).
(٢) "الحاوي" (١٦/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>