للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصلاة ما منعك أن تستجيبَ وقد سمعت قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (١). فلولا أنَّ الأمرَ للوجوب لما صحَّ ذلك. إذ (٢) حينئذٍ لا يكون سؤالًا عن العذر. إذ الصلَاة عذرٌ في تركِ كلام لا يجب. ولا ذمًا على ترك الاستجابة. إذ لا ذمَ على ترك ما لم يجب. ويجوز التمسك بخبر الواحد في مسألة علميَّة تكون وسيلةً إلى العمل.

و- قوله عليه السلام: "لولا أنْ أشق على أمتي" (٣) الحديث. وكلمة لولا لانتفاء الشيء لوجِود غيره. والسؤال مندوبٌ مع وجود المشقة فلا يكون المندوب (٤) مأمورًا به.

ولقائلٍ أن يمنع (٥) انتفاء أمر الله تعالى عند انتفاء أمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى يبين تلازمهما. ثم هذا يفيد أن بعض المندوب ليس بمأمورٍ به.

ولعلَّ الخصم يقول إنَّ بعضه أَيضًا مأمور به.

ز- قالت بريرة (٦) للنبي عليه السلام: "أتأمرني بذلك؟ فقال: لا. إنما أنا


(١) [الأنفال: ٢٤].
(٢) وفي "ب، د" لأنه بدل إذ.
(٣) رواه الستة من حديث أبي هريرة وتتمته عند مسلم "لأمرتهم بالسواك عند كل صلاةٍ" وتتمته عند النَّسائيّ وابن خزيمة والبخاري تعليقًا "عند كل وضوء" انظر نصب الراية ١/ ٩ والفتح الكبير ٣/ ٥١.
(٤) سقط من "جـ" المندوب.
(٥) خلاصة اعتراض القاضي الأرموي على ما استدل به الِإمام الرَّازيّ من حديث: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". أنَّه مندوب فلذلك لم يأمر به - صلى الله عليه وسلم - انتفاء أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يلزم منه انتفاء أمر الله تعالى، فقد يكون مأمورًا به من الله تعالى مع أنَّه مندوب. وعلى فرض التسليم إنه لم يرد فيه أمر. فإنما يدل على أن بعض المندوب ليس مأمورًا به وقد يكون البعض الآخر مأمورًا به. ولم يرتضِ بدرُ الدين التستري هذيْن الاعتراضيْن وقال: إنه يرد على الرَّازيّ أن المنفي أمر الوجوب لا الأمر مطلقًا والقرينة تدل على ذلك (انظر حل عقد التحصيل لوحة: ٣٦).
(٦) بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما. كانت مولاة لقوم من الْأَنصار قيل لآل عتبة بن أبي لهب وقيل لبني هذيل. وزوجها مغيث وقيل اسمه غير ذلك. اشترتها عائشة وأعتقتها وهي التي ورد فيها قوله - صلى الله عليه وسلم - "الولاء لمن أعتق". الاستيعاب ١٧٩٥ الإصابة ٨/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>