للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا: إنَّ الواحد منا مأمور بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه كما جاز قيام طلب العلم من الولد قبل وجوده بذات الأب، جاز أن يقوم بذات الله تعالى طلب فعل العبد قبل وجوده.

لا يقال: أمره عليه السلام إخبار عن الله تعالى بأمر أحدنا عند وجوده.

سلمنا لكن كان ثم من يسمع ذلك الأمر ثِم يبلغه إلينا، ولم بكن في الأزل أحد يسمع أمره تعالى، فكان أمره أزلًا عبثًا.

لأنه أجيب عن:

أ (١) - بأن أمره تعالى أيضًا إخبار عن نزول العقاب بتركه. لكنه مشكل لأن أمره تعالى لو كان خبرًا لتطرق إليه التصديق والتكذيب ولامتنع العفو، لامتناع الخلف في خبره. ولأن أخباره تعالى في الأزل لنفسه عبث ولغيره محال. ومن هذا الإِشكال قال أبو عبد الله بن سعيد (٢): إن كلام الله تعالى إنما يصير أمرًا ونهيًا أو خبرًا، فيما لا يزال ولو أورد عليه بأن المفهوم منه الأمر والنهي والخبر. فإذا سلمت حدوثها لزم حدوث الكلام. فله أن يعني بالكلام القدر المشترك بينها (٣).


= امتثل بها ومن لم يسمعها، وجد من نقلها له. ثم يبلغ من سيولد. أما أخبار الله تعالى فهي أزلية إذ لا يوجد من سمعها حتَّى يمتثل أو يبلغ فلا فائدة منها، وأنه مستحيل على الله العبث.
وأجيب عن ذلك أن الاستحالة مبنية على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، وقد تقدم إبطالها. ولا نسلم أن ذلك عبثٌ؛ لأن العقل يستحسن أن يقوم بنفس الإِنسان طلب العلم من أنَّه سيولد له.
انظر المستصفى ١٠٢، والمعتمد ١/ ١٧٧.
(١) لم يسبق ترقيم لما أجيب عنه هنا، وهو جواب للاعتراضات الواردة على رأي الجمهور والتي بدأها بقوله: (لا يقال: أمره ...).
(٢) هو عبد الله بن سعيد بن محمد بن القطان المشهور بابن كُلَّاب البصري أحد المتكلمين في أيام المأمون. قيل: إنه أخو يحيى بن سعيد القطان المحدث وقيل: ليس من نسبه، وصفه ابن النديم في الفهرست أنَّه من الحشوية. له مع عباد بن سليمان المعتزلي مناظرات. وهو رئيس الطائفة الكُلَّابية وذكر صاحب الفهرست أنَّه توفي سنة ٢٤٠ هـ. له ترجمة في لسان الميزان ٣/ ٢٩٠، والفهرست ٢٥٥، وطبقات الشافعية لابن السبكي ٢/ ٥١، وطبقات الشافعية للأسنوي ٢/ ٢٤٤، طبقات العبادي ص ٧٠.
(٣) وفي "أ، د" بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>