للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ - حجة من منع إفادته العلم في الأمور الماضية أن التواتر حصل في أمورٍ ماضية، كنقلِ اليهود والنصارى والمجوس (١) والمانوية (٢) مع كثرتهم وتفرقهم شرقاً وغرباً أخبارًا من أمورٍ باطلةٍ عندنا قطعاً.

فإن قلتَ استواء الطرفين والواسطة مفقود فيهم (٣) إذ قلَّ عدد اليهود في زمان بختنصر (٤)، والنصارى كانوا قليلين ابتداءً. وكذا القول في البواقي قلتُ: طريق العلم إلى الاستواء: إما نقل كل لاحق أهلية السابق للتواتر، وهم يدعون ذلك (٥) ادعاء المسلمين وتكذيب أحدهما تكذيب الآخر. وأمَّا الخبر لو كان موضوعًا لَعُرِفَ وقد عرف (٦) ضعفه وتصحيح جميع الفرق

تواترهم به (٧). قوله لم يبقَ من اليهود عدد التواتر ممنوع، إذ فناء الأمة العظيمة المتفرقة شرقاً وغرباً إلى هذا الحد ممتنع. قوله: النصارى كانوا قليلين ابتداءً ممنوع، وإلا لم يبقَ شرع عيسى عليه السَّلام حجة إلى ظهور شرعنا، واتفق المسلمون على بطلانه.

وأعلم أن فساد بعض هذه الأسئلة والمعارضات أظهر من صحته، لكنا ذكرنا لبيان غموض هذا الاستدلال وخفائه بالنسبة إلى وجود محمد عليه السَّلام ومكة وأنه بناء (٨) الواضح على الخفي وأن الحق مذهبنا.


(١) هم فرقة لها شبهةكتاب، وورد في الأثر أنَّه كان لهم كتاب فأسريَ على كتابهم، وقد عاملهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاملة أهل الكتاب في أخذ الجزية. وبعد أن أُسري على كتابهم ضلوا، فاثبتوا أصلين إثنين مدبِّريْن قديمين يقتسمان الخير والشر والنفع والضر والصلاح والفساد، يسمون أحدهما النور والآخر الظلمة، وهم ينقسمون إلى فرقٍ كثيرةٍ جداً. انظر الملل والنحل للشهرستاني ص ٣٧ وما بعدها.
(٢) أصحاب ماني بن فاتك الثنوي القائل بقدم النور والظلمة. وأنها أصل الكائنات، ويقولون: بتناسخ الأرواح الضَّالة وهي طائفة من المجوس، انظر مذهبهم في الملل والنحل للشهرستاني ٢/ ٤٩، الفرق بين الفرق ١٦٢، الحور العين ١٣٩، الفرق الإسلامية للبشبيشي ص ٨٦.
(٣) في (ب) (بنفيهم) بدل (فيهم).
(٤) انظر ترجمته في صفحة (٢/ ١٢) من هذا الكتاب.
(٥) سقط من (د) ذلك.
(٦) سقط من "أ" وقد عرف.
(٧) سقط من "أ" سطر من (لم يبق .. ممتنع).
(٨) في "هـ" (بني) بدل (بناء).

<<  <  ج: ص:  >  >>