للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا؟ وكذلك قوله عليه السلام للخثعمية (١): "أرأيت إن كان على أبيك دين فقضيتيه أكان يجزئ؟ فقالت: نعم. قال: فدين الله أحق بالقضاء" (٢).

الرابع (٣): معتمد الجمهور وهو أن بعض الصَّحَابَة عمل بالقياس.

كتب عمر إلى أبي موسى: (اعرف الأشباه والنظائر وقس الأمور برأيك) (٤).


(١) الخثعمية: امرأة مجهولة لم تسمَّ وهي من خثعم بن أنمار بن أراش بن كهلان من قحطان كانت منازلهم في سروات اليمن والحجاز، وورد وصفها في بعض الروايات: أنها امرأة شابة وهي التي كان ينظر إليها الفضل بن العباس، وهو رديف الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.
(٢) أفرد الإِمام الرَّازيّ في المحصول حديث الخثعمية برقم خاص، وقد أجاد الأرموي بإلحاقه بحديث عمر لأنه مسلك واحد. والحديث الموجود جزء من حديث رواه الأئمة الستة، وروى البُخَارِيّ في كتاب الاعتصام مثله عن امرأةٍ من جهينة. انظر نصب الراية ٣/ ١٥٦، المحصول ٢/ ٢/ ٧٢.
(٣) نقل الإمام الرَّازيّ في هذا الدليل الإجماع على عمل الصَّحَابَة بالقياس، وهذا النقل لا يسلم له، وقد أجاد القاضي الأرموي حيث لم يسمه إجماعًا. لأنه استفاض ذم جمع من الصَّحَابَة القياس، فالإجماع لا يسلم لمدعيه.
(٤) نظرًا لأهمية رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأَشْعريّ واعتبارها ركنًا في إثبات القياس وقواعد القضاء نوردها كما أوردها الدارقطني.
عن أبي المليح الهذلي قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأَشْعريّ أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدليّ إليك بحجة، وانفذ الحق إذا وضح، فإنَّه لا ينفع تكليم بحقٍ لا نفاذَ له. وآس بين النَّاس في وجهك ومجلسك وعدلك حتَّى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف في حَيفك. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلَّا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا. ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمن راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم
يبلغك في الكتاب أو السنة. اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك فاعمد إلىٍ أحبها عند الله وأشبهها بالحق فيما ترى. واجعل لمن ادعى بينة أمدًا ينتهي إليه فإن أحضر بينة أخذ بحقه وإلَّا وجهت القضاء عليه فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلَّا مجلودًا في حد أو مجرمًا في شهادة زور. أو ظنينًا في ولاة أو قرابةٍ، إن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنك بالبينات وإياك والقلق والضجر والتأذي بالنَّاس، والتنكر للخصوم في مواطن الحق الذي يوجب الله بها الأجر ويحسن بها الذخر، فإنَّه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله ولو على نفسه يكفيه الله ما بينه وبين النَّاس. ومن تزيَّن للنَّاس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله، فما ظنك بثواب عند الله عَزَّ وَجَلَّ في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام عليك. (الدارقطني ٤/ ٢٠٦، ونقلها السيوطي في صدر كتابه الأشباه والنظائر ورواها البيهقي انظر نصب الراية ٤/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>