للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل كفرٍ ومعصية بفعل الله تعالى، فلم يجب أن يفعل لمصالح العباد.

فإن قلتَ: الله تعالى أجرى عادته بخلق الكفر والإيمان عند اختيارهما فمنشأ المفسدة اختيار المكلف. قلت اختيار المكلف من فعله تعالى لكونه فاعلًا لكل أفعال العباد وعاد المحذور.

ولقائلٍ أن يقول (١): إنه يشعر بذلك عند الإيجاد لكنه لا يبقى ولا نسلم أن الإمكان علَّة المقدوريَّة بل هو شرطها. ثم تعلق إرادة أحد القادرين بالمقدور مشروطة بعدم تعلق إرادة الآخر به (٢).

ب- تخصيص إيجاد العالم بوقت معين وتقدير الكواكب والسموات والأرضين بمقادير مخصوصة ليس لمصلحة العباد. فإن الزيادة والنقصان جزء لا يتجزأ لا تغير مصالحهم.

جـ- خلق الكافر الفقير الذي لم يزل في المحنة إلى زمان الموت ليس لمصلحته.

د- خلق الخلق وركب فيهم الشهوة والغضب حتَّى يقتل بعضهم بعضًا، مع قدرته على خلقهم ابتداء في الجنة واغنائهم بالمشتهيات الحسنة عن القبيحة.


(١) خلاصة هذا الاعتراض أنَّه يتضمن ثلاثة اعتراضات:
الأول: هو نفي اللازم, لأن الفاعل لغرض قائم يشعر بالحركة عند إيجاده ولكن هذا الشعور لا يبقى.
والثاني: عدم تسليم اللزوم، فإن الإمكان ليس علةَ المقدوريَّة بل شرطها ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط، لجواز أن تنتفي القدرة على البعض، إما لمانع يختص به أو لعدم وفاء قدرة العبد بالكل.
الثالث: أنَّه يلزم توارد المؤثرين أو تمانعهما، لو لم يكن تعلق أحد القادرين بالمقدور مشروطًا بعدم تعلق إرادة الآخر وهو ممنوع.
وقال بدر الدين التستري: الأولى أن يقال في المنع الأول، كما قال ابن سينا: أن التخيل شيء والشعور به شيء آخر، وبقاء التخيل في الذكر بعد زواله أمر آخر، فلا يلزم من انتفاء التخيل في الذكر انتفاء الكل، وغايته أن يكون لا شعور له بذلك الشعور ولا يلزم منه انتفاء ذلك الشعور لتغايرهما.
(٢) (ب) موجودة في "أ" فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>