للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نظر في أدلة المخالفين وأنصف لهم لم يجد فيها قاطعًا. ثم إنما أمروا بالظن الغالب، فإن العلم إنما يحصل من تركيب مقدمات ضرورية تركيبًا ضروري الصحة. وأنه لا يحصل إلَّا لأحاد الناس. فتكليف الكل به حرج تام. ولأنا نعلم ضرورة أن الصحابة ما عرفوا هذه الأدلة والدقائق.

والجواب (١) عن شبهات الفلاسفة مع صحة إيمانهم. ثم لا نسلم أن المخطئ فيهم آثم، ولا يمكن دعوى الإجماع فيه، لأنه مختلف فيه وإنما (٢) قتل عليه السلام الكفار لإصرارهم على ترك التعلم بعد مبالغته في الإرشاد إلى الحق.

وما ورد من ذم الكفار. فالكفر هو الستر وانما يتحقق الستر من المعاند دون العاجز عن الوصول إلى الحق بعد البحث التام.

ثم كونه (٣) تعالى رؤوفًا رحيمًا ينفي التشديد المذكور ويؤيده استقراء أحكام الشرع.

والجواب: أن الجمهور ادعوا الإجماع على مذهبهم قبل حدوث هذا الخلاف.

" المسألة السادسة"

قال جمهور المتكلمين (٤) منا كالأشعري والقاضي أبي بكر، ومن المعتزلة كأبي هذيل وأبي هاشم وأبي علي وأتباعهم كل مجتهدٍ في الأحكام الشرعية مصيب، أي ليس لله تعالى في الواقعة حكم معين قبل الاجتهاد، ثم منهم من يقول وجد فيها ما لو حكم اللُه فيها لما حكم إلَّا به، وهو القول بالأشبه.


(١) يعني إجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن شبهات الفلاسفة، مع أنَّه حكم بصحة إيمانهم يدل على أن التكليف ما وقع بالعلم، والفلاسفة هم المنكرون لكون كل مجتهدٍ في الأصول مصيب.
(٢) في "د" من قوله: وإنما قتل الى آخر المسألة تقديم وتأخير مخل بالمعنى.
(٣) هذا دليل للجاحظ القائل بأن كل مجتهد في الأصول مصيب، بمعنى نفي الإثم وهذا الدليل بالإضافة إلى رده على الفلاسفة.
(٤) سقط من "ب" منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>