للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض الفقهاء والمتكلمين: لله تعالى (١) في كلِّ واقعةٍ حكم معين، لكن ليس عليه إمارة ولا دلالة، والطالب يعثر عليه اتفاقًا فله أجران وللخائب أجرٌ واحد لتحمل المشقة.

وقال كافة الفقهاء (٢): عليه أمارة فقط ولكن لم يكلف المجتهد بإصابتها لخفائها، فكان المخطئ معذورًا مأجورًا وينسب إلى الشافعي وأبي حنيفة. وقيل: مكلف بإصابته ولكن عند الخطأ تغير التكليف، فيكلف (٣) بالعمل بظنه ويسقط الإثم تحقيقًا. وقيل: بل عليه دلالة والمجتهد مأمور بطلبها.

ثم قال بشر المريسي من المعتزلة: المخطئ مأثوم وأنكره الباقون.

وقال (٤) الأصم (٥): قضاؤه منقوض وأنكره الباقون.

والمختار أن لله تعالى في الواقعة حكمًا معينًا عليه أمارة فقط، والمخطئ معذور وقضاؤه لا ينقض.

لنا وجوه:

أ - إذا جزم كل من المجتهدين برجحان أمارته في نفس الأمر على أمارة خصمه، كان اعتقادهما أو اعتقاد أحدهما خطأ، بمعنى عدم المطابقة وهو من صور الخلاف ولأن الاعتقاد غير المطابق جهل. وأنه غير مأمور به وفاقًا فلا يكون آتيًا بما أمر به.

ب - المجتهد مكلف بالحكم بناءً على طريق، إذ الحكم بالتشهي باطل وفاقًا


(١) في "د" (فيه) بدل (الله).
(٢) في "ب" (العلماء) بدل (الفقهاء).
(٣) سقط من "ب" فيكلف.
(٤) سقط من "د" وقال الأصم قضاؤه منقوض وأنكره الباقون.
(٥) الأصم: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن كيسان الأصم، كان أفصح الناس وأفقههم وأورعهم.
حكى بأنه كان يخطئ عليًّا عليه السلام في كثير من أفعاله ويصوب معاوية في بعض أفعاله وكان يجرى منه حيف عظيم على علي رضي الله عنه. له تفسير عجيب كان الأصم جليل المقدار يكاتبه السلطان، وكان يصلي بمسجده بالبصرة ومعه ثمانون شيخًا. له مع أبي الهذيل مناظرات وكان أبو علي الجبائي لا يذكر أحدًا في تفسيره إلَّا الأصم وممن أخذ عنه ابن علية.

<<  <  ج: ص:  >  >>