للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن وجد في الواقعة نص قاطع على المتن والدلالة يخالف حكمه حكم العقل نبهه المفتي عليه.

ولا يقال: معرفة ذلك يمنعه من المعاش (١)، ثم الوجهان منقوضان بالتكليف بمعرفة أدلة الأصول، ولا يجاب بأن الواجب معرفة أدلة النبوة والتوحيد جملة، وأنها سهلة وفي الفروع يحتاج إلى علومٍ كثيرة وتبحرٍ (٢) شديد، لأنه لا فرق بين المباحث الإجمالية والتفصيلية، لأنَّه إن علم جميع مقدمات الدليل حصل العلم النظري، وإن لم يعلم بعضها بل قبله تقليدًا كان (٣) مقلدًا في النتيجة، مثلًا دليل أن للعالم صانعًا مختارًا مركب من أن للحوادث مؤثرًا، وليس هو الموجب فهو المختار، والأول يعلمه العوام دون الثاني، فقطعه أن للعالم صانعًا مختارًا تقليدٌ. وكذا في دليل النبوة، ثم تحصيل تلك الأدلة تفصيلًا صعب فإن جاز التقليد في أحدهما جاز في الآخر وإلَّا فلا.

احتجوا (٤) بوجوه:

أ - قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٥).

ب - ذم التقليد بقوله: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} (٦).

ج - قوله عليه الصلاة والسلام: "طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم" (٧).

د - جواز التقليد يفضي إلى عدمه، لأنه يقتضي جواز التقليد في المنع منه.


(١) في "جـ، هـ" بعد المعاش، (لأن التكليف بمعرفة أدلة الأصول الدقيقة أكثر منعًا له من المعاش) والأرجح أن هذه العبارة تفسيرية من النساخ، لأن ما بعدها في معناها.
(٢) في جميع النسخ ما عدا "هـ" بحث و (هـ) موافقة للمحصول ٢/ ٣/ ١٠٥.
(٣) في "د" (المكان) بدل (كان).
(٤) أي منكرو التقليد في فروع الشرع.
(٥) [الأعراف: ٣٣].
(٦) [الزخرف: ٢٢].
(٧) رواه ابن ماجة وابن عبد البر وغيرهم بأسانيد كثيرة جدًّا لا تخلو كلها من مطعن، حيث روي عن نحو عشرين تابعيًا. ضعفه ابن عبد البرّ والبزار وأحمد ومثل به الحاكم وابن الصلاح للحديث المشهور الَّذي لم يصح سنده. وحسنه المزي وابن حجر وبسط العراقي الكلام عليه في تخريجه الكبير للإحياء (كشف الخفا ٢/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>