للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- ولكان مكلفاً بالفعل قبل العلم بحسنه وهو محال، إذ قصد الفعل إنما يحسن إذا علم حسنه، وقوله: افعل فإنك لا تفعل إلَاَ الحسن يقتضي أن يكون المميز بين الحسن والقبيح فعله وبعد الفعل يسقط التكليف.

جـ- ولجاز ذلك في تصديق الأنبياء وتكذيب المتنبئين، وفي الأخبار ومسائل الأصول وتبليغ الأحكام بلا وحي.

واحتجوا على عدم وقوعه بوجهين:

أ- لو أمر عليه الصلاة والسلام بذلك لما نهى- عن اتباع هواه، إذ لا معنى له إلا الحكم على وفق إرادته.

ولا يقال: لما أمر عليه الصلاة والسلام بذلك لم يكن الحكم على وفق إرادته اتباعاً للهوى، لأنه حينئذٍ يمتنع اتباعه للهوى وذلك يمنع نهيه عنه.

ب- ولما قيل له مثلاً: {لِمَ أَذِنْتَ} (١).

واحتج مويس على وقوعه في حقه عليه الصلاة والسلام بأمور:

أ- نادى مناديه يوم فتح مكة أن اقتلوا مقيس (٢) بن حبابة وابن أبي سرح (٣)،


(١) إشارة لقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٣].
(٢) هو مقيس بن حبابة كما في الإصابة في ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وفي سيرة ابن هشام كذلك وفي هامش سيرة ابن هشام، قيل ابن ضبابة وقيل ابن صبابة، وجده حزن بن يسار الكناني القرشي، شاعر اشتهر في الجاهلية بأنه حرم على نفسه الخمر، شهد بدراً مع المشركين ونحر على مائها تسعاً من الإبل، اسم أخيه هشام فقتله رجل من الأنصار خطأ فأمر الرسول بإخراج ديته، وقدم مقيس من مكة فاظهر الإسلام فقبض الدية وتربص بقاتل أخيه فقتله، وارتد ولحق بقريش فأهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه، فقتله نميلة بن عبد الله الليثي يوم فتح مكة بين الصفا والمروة فانشدت أخته في قتله:
لعمري لقد أخزى نميلة رهطه ... وفجع أضياف الشتاء بمقيس
فلله عيناً من رأى مثل مقيس ... إذا النفساء أصبحت لم تخرس
له ترجمة في تاج العروس للزبيدي طبع دار صادر بيروت سنة ١٣٨٦ هـ. ٤/ ٣٣١، سيرة ابن هشام الطبعة الحلبية ٤/ ٥٢.
(٣) في " هـ" ابن أبي شريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>