للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه القول المختار، هو (١) أن الإضمار من باب الحذف والاختصار، وهو مذكور لغة، ولهذا قلنا: إن المضمر له عموم، فإن من قال لامرأته: "طلقي نفسك" ونوى (٢) الثلاث، فطلقت نفسها يقع الثلاث، لأن المصدر محذوف، وهو كالمذكور لغة، فيصير كأنه قال: "طلقي نفسك طلاقاً" ونيته الثلاث في المصدر: تصح، كما إذا قال (٣): "أنت طالق طلاقاً" ونوى الثلاث: يصح. فأما المقتضى [فـ] ليس بمذكور لغة، بل يجعل ثابتاً ضرورة، كا في قوله: "أنت طلق" يجعل المصدر ثابتاً، ضرورة صحة الإنشاء (٤)، لأنه إخبار صيغة، لكن يجعل ثابتاً بقدر ما فيه ضرورة (٥) وهو صحة الكلام، والضرورة تندفع بوقوع طاقة واحدة، فلا يتعمم (٦) من غير ضرورة، ويجعل عدماً فيما وراءها، على ما هو الأصل في الثابت بطريق الضرورة: أن (٧) يتقدر بقدر الضرورة.

وهذا قول أصحابنا رحمهم الله.

وعلى قول الشافعي رحمه الله: المقتضى له عموم، وله وجهان:

أحدهما - أنه قال: إنه من باب الإضمار، والمصدر المضمر والمذكور سواء.

والثاني - قال: إنه مذكور شرعاً، والمذكور شرعاً كالمذكور حقيقة - ألا ترى أن الميت حكماً بمنزلة الميت حقيقة في حق الأحكام، وهو المرتد الذي لحق (٨) بدار الحرب.


(١) في النسخ جميعاً: "وهو". وانظر ما يلي، والبزدوي والبخاري عليه، ٢: ٢٣٥ وما بعدها.
(٢) "ونوى" ليست في ب، وفيها هنا: "به".
(٣) في ب كذا: "ومنه الثلاث يصح في المصدر كما إذا قال".
(٤) "ضرورة صحة الإنشاء" ليست في ب هنا. راجع فيما تقدم الهامش ١٤ ص ٤٠٣.
(٥) في أ: "الضرورة".
(٦) في أ: "فلا يعم".
(٧) في أ: "إنما".
(٨) "لحق" ليست في ب.