للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلق، وقد ورد المقيد على وصفين: بصفة التتابع (١) وبصفة التفرق، وهو قوله تعالى في صوم المتعة: "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة" (٢) - فلم يكن أحد النصين المقيدين بأولى من حمل المطلق عليه، فسقط اعتبار المقيد، لأجل التعارض، أو يثبت له الخيار في الحمل على أي المقيدين شاء، عملا بالدليلين بقدر الإمكان. على أن قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (٣) لا تصلح معارضاً لقراءة (٤) العامة الثابتة بالتواتر. وعندنا إنما يحمل عند الاستواء في الدليلين (٥).

وجه قول أصحابنا رحمهم الله أن حمل المطلق على المقيد خلاف عرف أهل اللغة؛ بل في عرفهم إجراء المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده. فإن من قال لآخر: "اعتق عبدي" (٦) ثم قال بعد ذلك: "اعتق عبدي الأبيض"؛ فله أن يعتق أي عبد شاء ولا يتقيد بالأبيض. وكذا من قال لامرأته: "إن دخلت الدار فأنت طالق" ثم قال بعد ذلك: "إن دخلت الدار راكبة فأنت طالق"، فدخلت راكبة أو ماشية: يقع الطلاق، ولا يتقيد المطلق بصفة الركوب. وإذا كان عرف أهل اللسان هذا، يجب حمل كتاب الله تعالى وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - على التعارف، لأن كلام الله تعالى نزل بلغة العرب على حسب عاداتهم - قال الله تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" (٧)؛ والرسول عليه السلام


(١) في هامش أ: "وهو قراءة ابن مسعود".
(٢) سورة البقرة: ١٩٦: " ... فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله .. "
(٣) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "عنهما".
(٤) في أ: "للقراءة". وفي ب: "معارضة للقراءة".
(٥) في هامش أ: "ولم يوجد بقول الشافعي".
(٦) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "عبيدي".
(٧) سورة إبراهيم: ٤.