للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحة الإجماع وانعقاده. وهو الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من شذ شذ في النار" لأن الشاذ اسم لمن خالف بعد الموافقة: يقال "شذ البعير وند" إذا توحش بعدما كان أهلياً (١) - وبه نقول.

- فإن (٢) قالوا: إن قوله عليه السلام: "عليكم بالسواد الأعظم" يقتضي أن يكون السواد الأعظم حجة على من ليس هو من السواد (٣) الأعظم، فإن المخاطب لا يدخل تحت الذين أمر بملازمتهم والمتابعة لهم - فنقول: المراد بالسواد الأعظم هو جميع أهل العصر لما ذكرنا. ويجوز أن يكون السواد الأعظم حجة على من يأتي بعدهم من العصر الثاني ممن هم (٤) أقل عدداً من الأول، فسمي الأول السواد الأعظم - وهو الجواب عن الكلام الأخير: أن إجماع أهل العصر حجة في (٥) هذا العصر، فيجب أن يكون فيهم من يخالفهم حتى يكون حجة عليهم، لأنا نقول: يجوز أن يكون حجة على من بعدهم من الأعصار، إن لم يكن حجة على أحد في حق هذا العصر - والدليل عليه أنه لو كان من شرط صحة الإجماع من أهل العصر أن يكون حجة على مخالف في ذلك العصر، لوجب أن يقال: إن (٦) أهل العصر إذا أجمعوا كلهم على قول ولم يخالف أحد في ذلك، ينبغي (٧) أن لا يكون هذا الإجماع حجة، لعدم شرطه (٨) الذي ذكرتم (٩).


(١) قال البخاري في كشف الأسرار (٣: ٢٤٦ - ٢٤٧): " أو المراد من متابعة السواد الأعظم متابعة الأكثر، ولكن فيما إذا وجد الإجماع من جميع أهله ثم خالف البعض، بشبهة اعترضت لهم، لأن رجوعهم ليس بصحيح بعد صحة الإجماع وانعقاده. وهو الجواب عن قوله: "من شذ شذ في النار" لأن الشاذ من خالف بعد الموافقة يقال: "شذ البعير وند" إذ توحش بعد ما كان أهلياً". وانظر الهامش ٤ ص ٤٩٨ - ٤٩٩.
(٢) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "إن".
(٣) في ب: "من أهل السواد".
(٤) كذا في (أ) و (ب). رفي الأصل: "هو".
(٥) في ب: "في بيان هذا العصر".
(٦) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "بأن".
(٧) "ينبغي" من أ.
(٨) في ب: "شرط".
(٩) في هامش أ: "كما تقدم من قولهم: فلا بد من أن يكون فيه من يخالفهم حتى يكون حجة في حقه". انظر فيما يلي الهامش ٤ ص، ٤٩٨ - ٤٩٩.