للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} (١) أي إلى حكم الله تعالى وحكم (٢) رسوله. ولا شك أن التنازع إنما يقع في الأمر الخفي الذي يحتاج فيه إلى الرأي والاجتهاد، دون الحكم الظاهر الجلي. ولهذا قال الله تعالى (٣): {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (٤)، فكان (٥) الأمر بالرد إلى حكم الله تعالى وحكم (٦) رسوله عليه السلام، بواسطة الرأي والاجتهاد، يكون أمرًا (٧) بالمقايسة.

وأما السنة:

- فما (٨) روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن قاضيًا: "بم تقضي؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله عليه السلام. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد (٩) في ذلك رأيي (١٠) ". فقال عليه السلام: "الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضى به رسوله - صلى الله عليه وسلم - (١١) ". و (١٢) لو لم يكن القياس حجة موجبة للعمل بعد الكتاب والسنة، لأنكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لما مدحه به، ولما حمد الله تعالى على توفيقه (١٣) لمعاذ (١٤) بالعمل بالرأي والاجتهاد.


(١) سورة النساء: ٥٩ - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.
(٢) "حكم" من ب.
(٣) "الله تعالى" ليست في ب.
(٤) سورة النساء: ٨٣ - {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}.
(٥) كذا في أ. وفي الأصل: "كان". وفي ب: "وكان".
(٦) "حكم" من ب.
(٧) "يكون" ليست في ب.
(٨) الفاء من أ.
(٩) "أجتهد" ليست في أ.
(١٠) في ب: "فيه برأيي".
(١١) في ب: "رسول رسوله صلى الله عليه وسلم للهدى". وراجع فيما تقدم ص ٤٧٤.
(١٢) "و" من (أ) و (ب).
(١٣) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "بتوفيقه".
(١٤) تقدمت ترجمته في الهامش ٢ ص ٤٥١.