للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: هي الأمر الذي إذا وجد، وجد الشيء تعقبيه بلا فصل. وقال علي بن عيسى النحوي (١): حد العلة ما كان لأجله المعلول. وقال بعض أصحاب الحديث: هي الوصف الذي يتكرر الحكم بتكرره. وقال بعضهم: هي المعنى الجالب (٢) للحكم (٣). واحترزوا به عن النص.

وعن الشيخ أبي منصور الماتريدي رحمة الله عليه أنه قال: العلة هي المعنى الذي إذا وجد يجب به الحكم (٤) معه. وقوله "معه" (٥) احتراز: [لدخول] الاستطاعة مع الفعل (٦).


(١) تقدمت ترجمته في الهامش ٥ ص ٣٧٦.
(٢) كذا في أ. وظاهر أنها كذلك في ب. وفي الأصل: "الحادث".
(٣) في أ: "للحكم الحادث".
(٤) في ب: "يجب الحكم له معه".
(٥) في الأصل وأ و (ب): "احتراز عن الاستطاعة مع الفعل". وفي هامش أ: "فيدخل، الاستطاعة مع الفعل" وهو الصحيح. وبيان ذلك في الهامش التالي.
(٦) قال البخاري على البزدوي (٤: ١٧٠ س ٢ من أسفل - ١٧١): "وقوله: وتغير به أي بذلك الوصف حال المحل معاً - إشارة إلى أن العلة وإن كانت مقدمة على المعلول رتبة فهي مقارنة له في الوجود فإن حركة الإصبع التي هي علة حركة الخاتم مقارنة لحركة الخاتم إذ لو لم تكن كذلك لزم تداخل الأجسام وهو محال على ما عرف. وكذا الحركة علة صيرورة الشخص متحركاً والسواد علة لصيرورة الشيء أسود وهما يوجدان معاً ولهذا جعلنا الاستطاعة التي هي علة الفعل مقارنة له وما أشبه ذلك أي الجرح كالكسر والهدم والقطع علل للانكسار والانهدام والانقطاع مقارنة في الوجود إياها. وهو أي الذكور وهو العلة أو لفظ العلة عبارة عما يضاف إليه وجوب الحكم أي ثبوته ابتداء ... وعن الشيخ أبي منصور رحمه الله أن العلة هي المعنى الذي إذا وجد يجب الحكم به معه واحترز بقوله "معه" عن قول بعض القدرية إن العلة هي الأمر الذي إذا وجد وجد الحكم عقيبه بلا فصل. وقد بينا أن ثبوت الحكم بالعلة عندنا بطريق المقارنة لا بطريق التأخر ولهذا جعلنا الاستطاعة مقارنة للفعل لا سابقة عليه. قال صاحب الميزان: هذا التعريف هو الصحيح ... " وانظر فيما بعد (ص ٥٨٦): هل يشترط أن يكون وصف العلة قائماً بمحل الحكم أم لا؟. وانظر البزدوي، والبخاري عليه، ٣: ١٨٨.
وقال البزدوي في أصوله (٤: ١٨٨): "وليس من صفة العلة الحقيقية تقدمها على الحكم بل الواجب اقترانهما معاً وذلك كالاستطاعة مع الفعل عندنا ... ".
وقال البخاري عليه: "ولا خلاف بين أهل السنة في أن العلة العقلية تقارن معلولها زماناً، كحركة الإصبع تقارن حركة الخاتم، وفعل التحريك يقارن صيرورة الفاعل متحركاً، وكالكسر يقارن الانكسار، وكالاستطاعة تقارن الفعل - إذ لو لم يكونا متقارنين لزم بقاء الأعراض أو وجود المعلول بلا علة وكلاهما فاسد ... الخ".