للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني - ما قال بعض أصحاب الحديث: إن العقل دليل على انتفاء الأحكام، لأن الأحكام الشرعية تثبت بخطاب صاحب الشرع، ولا يثبت الخطاب قبل بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإذا عدم دليل الحكم ثبت انتفاء الحكم ضرورة، وعدم الدليل ثابت بالعقل، فإن به يعرف أن لا دليل قبل مجيء الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الشرعيات (١). وإذا كان العقل دليلا على انتفاء (٢) الأحكام، وعلى براءة الذمم عن الوجوب، فنحن نستصحب الحكم الثابت بالعقل، وهو انتفاء الحكم إلى أن يرد الدليل السمعي. وهذا حكم بالدليل، وهو العقل، فإنه إن لم يكن دليلا على ثبوت الأحكام الشرعية، فهو دليل على النفي، فيكون الاستصحاب على النفي حجة يجب العمل به.

وهذا أيضًا مع هذا التحقيق فاسد عندنا، في حق وجوب العمل به، في حق نفسه وفي حق الإلزام على الغير، لأنا إن عرفنا انتفاء الأحكام الشرعية بالعقل لانعدام دليل الثبوت، وهو ورود الشرع، ولكن الكلام بعد ورود الشرع، فيجب على المكلف طلب (٣) الحكم الشرعي بعد ورود الشرع (٤) من صاحب الشرع ومن يقوم مقامه في تبليغ الشرع عنه، لا أن يستصحب النفي (٥) الثابت بعدم الدليل. وهذا لأن العقل كما لاحظ له في إثبات الحكم الشرعي (٦)، لا حظ له في نفي الحكم الشرعي، لكن قبل ورود الشرع، لم يثبت الحكم لعدم دليله، وعرف عدم


(١) "صلى الله عليه وسلم في الشرعيات" من ب.
(٢) في ب كذا: "انتقال".
(٣) كذا في ب. وفي الأصل: "الشرع يجب طلب".
(٤) "بعد ورود الشرع" من ب.
(٥) كذا في ب. وفي الأصل: "لا أنه لا يستصحب حالة النفي".
(٦) "الشرعي" ليست في ب.