للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما - أن النسخ أمر ضروري، فإن الأصل هو بقاء الحكم المشروع الثابت باليل المطلق، والضرورة ترتفع بالأدنى، وهو التخصيص.

والثاني - هو عمل بالدليلين: بالنص الخاص في المستقبل، وبالنص العام فيما وراء المخصوص في الماضي والمستقبل جميعاً، ولو حمل على التناسخ، فيما إذا كان العام متأخراً، صار ناسخاً للخاص أصلا، فكان ما قلنا أولى.

وجه قول مشايخنا: دلالة الإجماع، والمعقول.

أما الأول - فإن الأمة أجمعت على التناسخ، في موضع إمكان التخصيص فإنه ورد في عدة الوفاة نصان: أحدهما قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (١). والثاني قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٢) وأمكن العمل بالنصين بأن يكون قوله "أربعة أشهر وعشراً" (٣) تقريراً لبعض ما في الآية الأخري، فإنها موجودة في السنة، أو تجب السنة وأربعة أشهر وعشر زيادة عليها، ثم حملت الأمة النصين على التناسخ، ولهذا نظائر (٤).

وأما المعقول - وهو أن كل واحد منهما بيان، إلا أن إخراج بعض الأعيان من الجملة يسمى تخصيصاً، وإخراج بعض الأزمان يسمى نسخاً، إذ لو لم يكن النسخ بياناً لم يندفع التناقض، فلم يكن أحدهما بأولي من


(١) سورة البقرة: ٢٤٠.
(٢) سورة البقرة: ٢٣٤.
(٣) "وأمكن العمل بالنصين ... وعشرا" ليست في ب.
(٤) "ثم حملت ... نظائر" من ب. وانظر فيما يلى ص ٧٢١ والهامش ٤ منها.