للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما نقول بالوجوب بالأسباب، في غير موضع النص، إذا كان النص معقول المعنى والحكمة، فتعدى إلى غيره بالاستدلال. ولا خلاف بين القايسين أن العمل بالاجتهاد جائز في غير موضع النص، حتى إن الحكم إذا كان غير معقول المعنى يقتصر على مورد النص.

- وأما جواب مشايخنا: أن الحكم في موضع النص يتعلق بالسبب والمعنى، ففيه، دقة فقد ذكرناه من قبل - والله أعلم.

[٣]

وأما بيان أعيان (١) الأسباب

[فنقول]:

ذكر القاضي الإمام أبو زيد رحمه الله أن سبب وجوب أصل الدين، وهو معرفة الله تعالى كما هو، هو الآيات الدالة على حدث العالم. ولكن فيه نظر, لأن العالم دليل وجود الصانع وتوحيده. فإن العاقل، متى استدل بعقله بالنظر في العالم المحدث، عرف المحدث وعرف توحيده وصفاته، والكلام في وجوب المعرفة لا في وجوده، ووجود المعرفة لا يكون دليل وجوب المعرفة، فإن من كان عنده دليل معرفة شيء لا يجب عليه معرفته، لكن الصحيح أن يقال: إن سبب وجوب المعرفة والتصديق له والإقرار به هو ترادف نعم الله تعالى عليه، من نعمة الحياة وسلامة العقل والبدن ونحو ذلك (٢)، فإن النعم تقتضي وجوب شكر النعم، والوجوب بإيجاب الله تعالى، لكن بالعقل يعرف أن كفران النعم حرام وشكر المنعم واجب، فكان النعم معرفاً له وجوب شكر النعم لكن بواسطة آلة


(١) راجع الهامش ١ ص ٧٤٢.
(٢) في الأصل كذا: "لك".