للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن ضمان حقوق العباد مبني على المماثلة، وقد حكم كل واحد منهما بما هو مثل حق المتلف عليه، باجتهاده، إلا أن ما فعله سليمان صلوات الله عليه أحسن، ولهذا قال: " ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكمًا وعلمًا". ولا كلام في هذا, إنما الكلام في حكمين نقيضين. وعلى هذا نخرج تقدير النفقات والتعزير وغير ذلك، فإن ذلك من باب الحسن والأحسن، ويختلف باختلاف الزمان والحال.

• فأما حديث معاذ رضي الله عنه -[فـ] لا حجة فيه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما حمد الله تعالى بتوفيقه معاذًا باختيار الاجتهاد عند عدم الكتاب والسنة، وهو حكم الشرع - وبه نقول. ولكن العمل بالدليل القطعي ليس بواجب على كل حال, بل العمل بالدليل الراجح واجب العمل ظاهرًا.

- قولهم: إنه مأمور بالاجتهاد ومأمور بما أدى إليه اجتهاده، فنقول: إنما يلزمه الاجتهاد من حيث إنه طريق يتوصل به إلى الحق لا لعينه. وكذا يلزمه العمل بما أدى إليه اجتهاده، من حيث إن الغالب أنه ظفر بالحق وبلغ الدليل الذي هو دليل على الحقيقة, ولا كلام فيه، إنما الكلام فيما إذا ظهر أن ما أدى إليه اجتهاده خلاف ما هو عند الله تعالى والحق واحد، وهو ما عند الله تعالى، يكون مخطئاً ضرورة ولا يكون مصيبًا.

- قولهم: إنه لا يكلف العمل بما عند الله تعالى، فهذا هو عين النزاع.

قولهم: إنه تكليف ما ليس في وسع المكلف، فممنوع.

قولهم: إنه لا علم له بما هو عند الله تعالى، فنقول: ولكن العلم بالمكلف به ليس بشرط لصحة التكليف، وإنما الشرط هو طريق الوقوف عليه، فإن التكليف مبني على العلم , والمقدرة من حيث الأسباب طريق (١)


(١) قد تكون: "وطريق".