للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأوروبية التي خضعت للآستانة ولا يزال على رجال القانون المقارن أن يسبروا أغوار هذه التأثيرات والمبادلات بين الفقه الإِسلامي والقوانين الوضعية فيما كان يسمى بالدول الاشتراكية التي كان معظمها تابعاً للأتراك إلى حدود (سيبيريا) حيث يمتد ما كان يسمى بالجمهوريات الِإسلامية السوفياتية.

ومن مجالي هذا التأثير في الحقل الاقتصادي قضايا الشركات وقد ضمنها البنوك - وهي تقوم في العالم المعاصر بأجل الخدمات لتنشيط مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالشركة بصورة عامة في المذهب المالكي هي كما يقول ابن عرفة "شركة بقدر متمول بين مالكين فأكثر ملكاً فقط"، والشركة في القانون الفرنسي شبيهة بها بل تستعمل (المدونة الفرنسية) نفس التعابير التي وجدت في النصوص الفقهية القديمة مما يدل على أن التشريع الفرنسي اقتبس منها، وقد تأثر القانون المدني الإِسباني بالفقه المالكي في الاستغناء عن عقود الزواج خارج الكنيسة ولاحظ الأستاذ (أوكطاف بيل) في كتاب له حول (الشركة والقسمة في المذهب المالكي (١) أن الشركات المالكية شركات تنبني على (عقود أمانة) وهو ما يجري به

العمل في فرنسا قديماً (٢).

وأهم أنواع الشركات اليوم وخاصة في أبرز دولة اقتصادية بأوروبا هي ألمانيا الغربية الشركة المعروفة بالقراض. والقراض Commandite أهم أنواع الشركات في المذهب المالكي لأنها لا تمس رأسمال المشارك فيها وإنما تقتصر مسؤوليته على حصته في الشركة أي أن أرباب المال ملزمون على قدر المال كما في القانون الفرنسي وغيره من القوانين الأوروبية وخاصة منها القانون الألماني الذي أصبحت العمليات المصرفية تجرى اليوم في نطاقه على نسق البنوك بدون فائدة وهو مظهر لأثر الفقه الإِسلامي في المجتمع الألماني اليوم وحتى في المناطق التي استقلت قبل أن ينزاح الحكم العربي عن


(١) الطابع المتحدة - الدار البيضاء - ١٩٤٨ (ص ٢٤).
(٢) ربما تحت تأثير الأندلس.

<<  <   >  >>