للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون صحة تزويج نفسها بإذن وليها وصحة تزويج غيرها بالوكالة يُخَرَّج من صحة تزويج نفسها من مُعْتَقِها. فلأنها إذا كانت أهلاً لمباشرة تزويج أمتها أو مُعْتَقِها. فلأن تكون أهلاً لتزويج نفسها وغيرها بالوكالة بطريق الأولى.

وأما كون الأول المذهب؛ فلما تقدم.

ولأن العلة في منعها صيانتها عن مباشرة ما شعر بوقاحتها ورعونتها وميلها إلى الرجال. فوجب أن لا تباشر النكاح تحصيلاً لذلك.

والفرق بين تزويج أمتها ومعتقتها وبين تزويج نفسها أن الولاية عليها إنما ثبتت لتحصيل الكفاءة، وذلك مفقود في الأمة والمعتقة.

قال: (وأحق الناس بنكاح المرأة الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا. ثم ابنها وإن نزل. ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها. وعنه: يقدم الابن على الجد، والتسوية بين الجد والأخ، وبين الأخ للأبوين والأخ للأب. ثم بنو الإخوة وإن سفلوا. ثم العم ثم ابنه. ثم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيب الميراث. ثم المولى المنعم ثم عصباته من بعده الأقرب فالأقرب. ثم السلطان).

أما كون أحق الناس بنكاح المرأة الحرة أباها؛ فلأنه أكمل من غيره نظراً وأتمُّ شفقة، ويختص بولاية المال، ويجوز أن يشتري لها من ماله، وله من مالها إذا كانت صغيرة.

ولأن الله تعالى جعل الولد موهوباً لابنه قال الله تعالى: {ووهبنا له يحيى} [الأنبياء: ٩٠]، وقال إبراهيم: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسمعيل وإسحاق} [إبراهيم: ٣٩]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنتَ ومالُكَ لأبيك» (١).

ولأن غير الأب: إما يدلي به؛ كالجد والإخوة. وإما فرع بالنسبة إليه؛ كالابن. ومن أدلى بشخص لا يثبت له معه حق. والأصل راجح على الفرع.

فإن قيل: الابن أولى بالميراث. فيجب أن يكون أولى بالنكاح.

قيل: الميراث اقتضى ذلك. وكمال شفقة الأب معارض له.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٢٢٩١) ٢: ٧٦٩ كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، عن جابر بن عبدالله.
وأخرجه أحمد في مسنده (٦٩٠٢) ٢: ٢٠٤ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>