للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [إن اشترك جماعة في جرح]

قال المصنف رحمه الله: (وإن اشترك الجماعة في قطع طرف أو جرح موجب للقصاص وتساوت أفعالهم؛ مثل أن يضعوا الحديدة على يده أو يتحاملوا عليها جميعاً حتى تَبين فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين. وإن تفرقت أفعالهم أو قطع كل إنسان من جانب فلا قصاص رواية واحدة).

أما كون الجماعة إذا اشتركوا فيما ذُكر عليهم القصاص إذا تساوت أفعالهم على الوجه الذي ذكره المصنف رحمه الله في إحدى الروايتين؛ فلما روي «أن شاهدين شهدا عند علي على رجلٍ بالسرقةِ. فقطع يدَه. ثم جاءَا بآخر. فقالا: هذا هوَ السارق وأخطأنا في الأول، فردّ شهادتَهُما على الثاني، وغرّمهما ديةَ يد الأول. وقال: لو عَلمتُ أنكُما تَعمَّدتُما ذلك لقطعتُكُما» (١).

ولأن ذلك أحد نوعي القصاص. أشبه قتل الجماعة بالواحد.

وأما كونهم لا قصاص عليهم في روايةٍ؛ فلأن الأطراف يعتبر التساوي فيها. بدليل أنه لا تؤخذ يد صحيحة بشلاء ولا كاملة الأصابع بناقصتها ولا الأصلية بالزائدة ولا اليمنى باليسرى ولا تساوي بين الأطراف والطرف. فوجب امتناع القصاص بينهما.

والأولى أصح لما تقدم.

وأما نفي التساوي بين الأطراف والطرف فممنوع لأن نفي التساوي إن كان من حيث كونه طرفاً فباطل بوجوب القصاص بين الطرفين، وإن كان من حيث الجمع فباطل بقتل الأنفس بالنفس.


(١) ذكره البخاري في صحيحه تعليقاً ٦: ٢٥٢٧ كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٨: ٤١ كتاب الجنايات، باب الاثنين أو أكثر يقطعان يد رجلٍ معا.
وأخرجه الدارقطني في سننه (٢٩٤) ٣: ١٨٢ كتاب الحدود والديات.

<<  <  ج: ص:  >  >>