للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقطع يسرى المحارب هنا؛ لأن قطعها بطريق الإلحاق بالسارق (١). فإذا انتفى الحكم فيه انتفى فيما يجب إلحاقه به.

قال: (ومن لم يَقتل ولا أخذ المال نفي وشرد، فلا يُترك يأوي إلى بلد. وعنه: أن نفيه تعزيره بما يردعه).

أما كون من لم يقتل ولم يأخذ المال ينفى؛ فلأن الله تعالى قال: {أو يُنفوا من الأرض} [المائدة: ٣٣].

وأما كونه يُشرّد فلا يترك يأوي إلى بلد؛ فلأن الله تعالى قال: {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: ٣٣].

فإن قيل: التشريد ظاهر الإرادة من الآية. فما وجه أن لا يترك يأوي إلى بلد؟

قيل: لأن الله تعالى قال: {أو ينفوا من الأرض} [المائدة: ٣٣]، وذلك يقتضي النفي من جميعها.

وأما كون نفيه تعزيره بما يردعه على روايةٍ؛ فلأن الغرض الردع، وذلك حاصل بالتعزير المذكور.

والأول أصح؛ لأن النفي الطرد والإبعاد، والإقامة تبقيه.

قال: (ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقط عنه حدود الله تعالى من الصلب والقطع والنفي وانحتام القتل، وأخذ بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال، إلا أن يعفى له عنها).

أما كون من تاب قبل القدرة عليه يسقط عنه حدود الله؛ فلأن الله تعالى قال (٢): {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} [المائدة: ٣٤].

فعلى هذا يسقط عنهم جميع ما ذكر المصنف رحمه الله؛ لأنه لله تعالى.

وأما كونه يؤخذ بحقوق الآدميين مما ذكر إذا لم يُعْفَ له عنها؛ فلأنها حقوق عليهم لم يعفَ عنها. فلم تسقط؛ كغير المحارب.

فإن قيل: الآية عامة في السقوط فما وجه التخصيص؟

قيل: الأدلة الدالة على أن حقوق الآدمي لا تسقط بغير رضاه.


(١) في أ: إلحاق السارق.
(٢) في أ: حدود الله تعالى فلقوله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>