للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه يكفي فيه أن يشهد أنه فاسق وليس بعدل على روايةٍ؛ فلأن العدالة تسمع مطلقاً فكذلك الجرح.

والأولة أولى.

والفرق بين الجرح وبين التعديل: أن التعديل يوافق الظاهر، والجرح ينقل عن الظاهر. فلم يكن بد من معرفة الناقل؛ لئلا يعتقد نقله بما ليس بناقل.

قال: (وإن شهد عنده فاسقٌ يعرف حاله قال للمدعي: زدني شهوداً. وإن جهل حاله طلب المدعي بتزكيته، ويكفي في التزكية شاهدان يشهدان أنه عدل رضي، ولا يحتاج أن يقول: عليّ ولي. وإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى).

أما كون الحاكم يقول للمدعي: زدني شهوداً إذا كان يعرف الحاكم فِسقَ من شهد عنده؛ فلأن ذلك يحصل المقصود مع الستر على الشاهد.

وأما كونه يُطالب المدعي بتزكية شهوده إذا جهلَ حالههم؛ فلأن الحكم بشهادتهم متوقف على تزكيتهم لما تقدم من أن العلم بالعدالة شرط كذلك.

وأما كون التزكية يكفي فيها شاهدان يشهدان أنه عدلٌ رضي من غير حاجة إلى أن يقال: عليّ ولي؛ فلأن الله تعالى قال: {وأشهدوا ذَوَيْ عدل منكم} [الطلاق: ٢]. فإذا شهدا أنه عدل ثبت ذلك بشهادتهما فيدخل في عموم الآية؛ لأنه إذا كان عدلاً لزم أن يكون له وعليه وعلى سائر الناس وفي كل شيء فلا يحتاج إلى ذكره.

وأما كون جرح الاثنين أولى من تعديل الاثنين؛ فلأن الجارح معه زيادة علم خَفيت على المعدل. فوجب تقديمه؛ لأن التعديل يتضمن نفي الريب والمحارم، والجارح يثبت ذلك، والمثبت مقدم على النافي.

ولأن الجارح يقول: رأيته يفعل كذا والمعدل مستنده أنه لم يره ويمكن صدقهما. والجمع بين قوليهما بأن يكون الجارح رآه يفعل والمعدل لم يره.

إذا علم ذلك فظاهر كلام المصنف رحمه الله أن الجرح إنما يقدم عند التساوي وليس كذلك بل لو كثر عدد المعدل فالجرح أولى؛ لما ذكر من الزيادة الحاصلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>