للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الرواية هي أصح الروايتين. قاله القاضي.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله: أن الصحيح أنه ليس من السبيل ولذلك قدم أنه لا يعطى فيه.

وقال في المغني: الرواية الثانية أحسن يعني كونه ليس من السبيل لأن سبيل الله عند الإطلاق لا يتناول إلا الغزو.

ولأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: إما محتاج كفقير ومسكين ومكاتب وغارم، وإما من يحتاج إليه المسلمون كعامل وغاز وغارم لإصلاح ذات البين، والحاج لا نفع للمسلمين فيه ولا يحتاج صاحبه إليه لأنه إنما يدفع إليه مع الفقر، والفقير لا فرض في ذمته فيسقط، وإن أراد التطوع به فتوفير ما يحج به على ذوي الحاجات من سائر الأصناف أولى.

قال: (الثامن: ابن السبيل وهو المسافر المنقطع به دون المنشئ للسفر من بلده، فيعطى قدر ما يصل به إلى بلده).

أما كون ابن السبيل من الأصناف الثمانية] (١)؛ فلأن الله تعالى ذكره في الآية المتقدم ذكرها فقال: {وابن السبيل} [التوبة: ٦٠].

وأما كون ابن السبيل هو المسافر المنقطع به دون المنشئ للسفر من بلده فلأن السبيل الطريق وإنما سمي ابن السبيل بذلك لملازمته الطريق، كما يقال للطائر: ابن الماء لملازمته له، وإذا كان كذلك وجب أن يكون ابن السبيل مسافراً لا منشئاً لأن المنشئ للسفر يصير ابن سبيل في ثاني الحال بخلاف الأول فإنه ابن سبيل في الحال، فالاسم لا يتناول المنشئ حقيقة فلا يكون مراداً لأن الأصل إرادة الحقيقة.

ولأنه لا يفهم من ابن السبيل إلا الغريم دون من هو في وطنه وإن انتهت به الحاجة غايتها فوجب أن يحمل الاسم عليه.

وأما كون ما يعطى قدر ما يصل به إلى بلده فلأنه إنما جاز له الأخذ من الزكاة ليتوصل إلى بلده فلا يجوز أن يأخذ أكثر مما يدفع به ذلك، كما لا (٢) يجوز أن يأخذ الفقير أكثر مما يدفع به فقره.


(١) ساقط من ب.
(٢) ساقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>