للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون من عجز عنه لمرض لا يرجى برؤه يفطر فلأنه إذا جاز للمريض الذي يرجى برء مرضه فلأن يجوز للمريض الذي لا يرجى برء مرضه بطريق الأولى.

وأما كون الكبير يطعم عن كل يوم مسكيناً فلأن الله تعالى قال: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: ١٨٤].

قال ابن عباس: «نسخت إلا في حق الشيخ الكبير والعجوز» (١).

ولأنه صوم واجب في الأصل فجاز أن ينوب عنه المال كصوم الكفارة.

وأما كون المريض يطعم كذلك فلأنه في معنى العاجز لكبر.

قال: (والمريض إذا خاف الضرر والمسافر استحب لهما الفطر وإن صاما أجزأهما. ولا يجوز أن يصوما في رمضان عن غيره).

أما كون المريض والمسافر يستحب لهما الفطر فيقتضي أمرين:

أحدهما: جوازه. والآخر: رجحانه. أما الجواز فلأن الله تعالى قال: {ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أُخَر} [البقرة: ١٨٥].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن المسافر الصوم» (٢) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.

وللجواز المذكور في المريض شرط وهو أن يخاف الضرر مثل أن يخاف زيادة مرضه أو تباطؤ برؤه. فإن لم يخف ذلك لم يبح له الفطر لأن المبيح له العذر وهو مفقود هنا.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٢٣٥) ٤: ١٦٣٨ كتاب التفسير، باب قوله: {أيام معدودات فمن كان منكم مريضاً ... }. عن عطاء «سمع ابن عباس يقرأ: وعلى الذين يُطَوَّقُونَه فلا يطيقونه {فدية طعام مسكين} قال ابن عباس: ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا».
وأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (٧٥٧٤) ٤: ٢٢١ كتاب الصيام، باب الشيخ الكبير. عن مجاهد عن ابن عباس «أنه كان يقرؤها: {وعلى الذين يُطَوَّقُونَه} ويقول: هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ... ».
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٧١٥) ٣: ٩٤ كتاب الصوم، باب ما جاء في الرخصة في الأفطار للحبلى والمرضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>