للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن سلمة بن شبيب أنه قال لأحمد: كل شيء منك حسن جميل إلا خلة واحدة. فقال: وما هي؟ قال: تقول: بفسخ الحج. قال: قد كنت أرى أن لك عقلاً. عندي ثمانية عشر حديثاً صحاحاً جياداً كلها في فسخ الحج أتركها لقولك.

ولأنه قلب للحج إلى العمرة فجاز. دليله من لحقه الفوات.

وأما ما يشترط للفسخ فأمران:

أحدهما: أن لا يكون معه هدي؛ للحديث المتقدم.

ولقوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: ١٩٦].

وثانيهما: أن لا يكون قد وقف بعرفة؛ لأن الواقف بها قد أتى بمعظم العبادة وأيِس من فواتها بخلاف غيره.

ولم يصرح المصنف رحمه الله بهذا الشرط اكتفاء بقوله: إذا طاف وسعى؛ لأن ذلك يكون قبل الوقوف.

فإن قيل: قول المصنف رحمه الله: إذا طاف وسعى شرط في استحباب الفسخ أم لا؟

قيل: ظاهره ذلك. وليس الأمر كذلك؛ لأن الأخبار الواردة في ذلك تقتضي الفسخ قبل الطواف والسعي.

ولأنه إذا طاف وسعى ثم فسخ يحتاج إلى طواف وسعي لأجل العمرة ولم يرد مثل ذلك فيما ذكر.

ويمكن تأويل كلام المصنف رحمه الله على أن إذا ظرف. ويكون المراد: أحببنا له أن يفسخ وقت طوافه أي وقت جواز طوافه.

قال رحمه الله: (ولو ساق المتمتع هدياً لم يكن له أن يحل. والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت فخشيت فوات الحج أحرمت بالحج وصارت قارنة).

أما عدم حل المتمتع إذا ساق الهدي فلما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: «تمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس: من كان منكم معه هدي فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليتحلل» (١) متفق عليه.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٦٠٦) ٢: ٦٠٧ كتاب الحج، باب من ساق البدن معه.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢٢٧) ٢: ٩٠١ كتاب الحج، باب وجوب الدم على المتمتع، وأنه إذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>